(نص المرافعة)

جمعة, 03/11/2023 - 15:06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وصلى الله على نبيه الكريم

 

مرافعة في الملف رقم النيابة 001\2021

 

من إعداد الأستاذ جعفر ولد الشيخ أحمد الأمين ولد أبيه

 

لصالح: محمد عبد العزيز (الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية الموريتانية)

 

السيد الرئيس

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

السادة ممثلي النيابة العامة الفضلاء

 

السادة النقباء والعمداء والزملاء الأعزاء

 

يقول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا}، ويقول

 

{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} (تحكيم النصوص النافذة)، ويقول: {يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}، ويقول: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.

السيد الرئيس

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

كم تمنيت أن تكون هذه المحاكمة مسجلة ليكون ذلك كابحا لبعض تصرفاتنا ومداخلاتنا التي لو اطلع عليها طلاب السنة الأولى من الجامعة لما استطاع بعضنا النظر في وجوههم.

لا أدري من حيث أبدأ نظرا لتشعب الموضوع وكثرة ما سيقال فيه، وكأنني المعني بقول القائل:

تكاثرت الظباء على خراش *** فما يدري خراش ما يصيد

السيد الرئيس

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

سأحاول في هذه المرافعة أن أكون موضوعيا في الطرح، ملتزما بالنصوص والوقائع، منطلقا من مبادئ متفق عليها، متمسكا بحقوق موكلي ومنطلقا من القاعدة الدستورية التي تقول: "يعتبر كل شخص بريئا حتى تثبت إدانته من قبل هيئة قضائية شرعية".

السيد الرئيس

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

ستبدأ خطة المرافعة بمقدمة على أن تشمل عدة محاور نفصل فيها بعض النقاط، ونختتمها بخاتمة تنتهي بالطلبات.

المقدمة

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

منذ يوم 25 – 01 – 2023 أي أكثر من 9 أشهر، ونحن نلتقي بصفة دورية داخل هذه القاعة، وهو ما ولد لدى البعض منا الكثير من الذكريات التي قد تكون موضوع مذكرات حين تتوفر الفرص السانحة للحديث عنها، لكن قبل ذلك فإنني أعتذر للمحكمة وللنيابة العامة وللزملاء وللحضور عن كل ما صدر مني طيلة هذه الفترة، وما قد يلاحظ البعض أنه غير متناسق مع السلوك المفضل لديه، وهنا أشير إلى أننا في هذه القاعة أصحاب مسؤوليات يجب علينا القيام بما يترتب عليها تطبيقا للقانون وحماية لمراكز موكلينا وضمانا لحقوقهم في الحصول على محاكمة عادلة {ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حيي عن بينة وإن الله لسميع عليم}.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

نقف اليوم أمام محكمتكم الموقرة في مشهد تاريخي لم يسبق أن حدث في موريتانيا والعالم العربي وشبه المنطقة الإفريقية، ألا وهو مثول رئيس سابق للجمهورية - وفي ظل نظام منتخب - أمام القضاء العادي بتهم يتضح - بغض النظر عن صحتها من عدمها - أنها مرتكبة في الفترة التي كان فيها السيد محمد عبد العزيز رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وهنا يمكن أن نقف وقفة تأمل لنلاحظ أن هذه الواقعة كسابقة قضائية سينتج عنها مستقبلا الكثير من الأمور التي لا يمكن التحكم في ارتداداتها وذلك من قبيل:

إمكانية مساءلة الرؤساء عن أفعالهم المرتكبة أثناء مأمورياتهم،

إمكانية حدوث هذه المساءلة أمام القضاء العادي،

إمكانيه تمترس أي مسؤول وزيرا كان أو غفيرا مستقبلا أمام هذه السابقة للإفلات من المساءلة عن أفعاله المثبتة باعترافه وبتوقيعه بحجة أنه تلقى أوامر من رئيسه الأعلى ودون أن تكلفه المحكمة عبء إثبات تلقي هذه الأوامر،

إمكانية أن تمنح المحاكم لنفسها مستقبلا حق تفسير النصوص خلافا لمصلحة المتهم،

قلب الهرم التشريعي ليصبح قانون الإجراءات الجنائية - الذي حدد الدستور في مادته 80 رتبته في الهرم القانوني بالدرجة الرابعة - فوق الدستور نفسه، (مواجهة المادة: 93 من الدستور وهي مادة آمرة بالمواد 183 و211 و222 و548 من قانون الإجراءات الجنائية).

إمكانية خرق الاختصاص النوعي المحدد بنص الدستور لتسمح المحاكم لنفسها مستقبلا بضم الاختصاص النوعي للأصل،

إمكانية مساءلة القضاء العادي للسلطة التنفيذية عن الأعمال الذي حدد الدستور أنها من اختصاص السلطة التنفيذية بنص المادة: 59 من الدستور،

تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية من خلال الزج بها في النزاعات التي تكون السلطة التنفيذية طرفا فيها في خرق سافر لمبدإ فصل السلطات).

 المحور الأول: ملاحظات على مرحلة النيابة والتحقيق والمحاكمة

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

أود أن أبدأ ببعض الملاحظات التي حصلت طيلة هذه المسطرة بدءا بأزمة مرجعية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سابقا حزب الإنصاف حاليا وصولا إلى مرحلة المرافعات المتواصلة الآن مرورا طبعا ببعض الأحداث التي وقعت ما بين هاتين الفترتين.

لقد بدأت هذه القضية مباشرة بعد الأزمة السياسية التي فجرتها عودة الرئيس السابق من الخارج بعد أقل من أربعة أشهر من خروجه من السلطة على إثر انتخابات رئاسية سلم بموجبها الحكم لرئيس منتخب في سابقة من نوعها لم تشهدها البلاد على الإطلاق، فلم يسبق في تاريخ الجمهورية الإسلامية الموريتانية أن وصل رئيس للسلطة عبر الانتخابات وغادرها عبر الانتخابات.

لقد انتهز البعض هذه الفرصة وعمل على دق آخر إسفين في جسم العلاقة التاريخية والصداقة الوطيدة بين الرئيسين الحالي والسابق ليؤسس لمرحلة من التأزيم والتوتير أفضت في النهاية إلى التحاق الأغلبية البرلمانية الداعمة لفخامة الرئيس الحالي بالمقترح المقدم من الأقلية البرلمانية المعارضة القاضي بإنشاء لجنة للتحقيق البرلماني في بعض الملفات المحددة قبل أن تتم إضافة ملفات أخرى لم تكن أصلا في مقترح الأقلية المعارضة.

على الرغم من تحفظ البعض على هذه اللجنة ونتائج تحقيقها فلم يرد في تقاريرها ما يشي بارتكاب الرئيس السابق لأي أفعال تقتضي متابعته جزائيا (الخيانة العظمى) إلا أنه وبقوة قادر فقد أحالت السلطة التنفيذية فكرة متابعة الرئيس إلى النيابة العامة التي أسست تكليفها للضبطية القضائية على تقرير اللجنة البرلمانية وهو التقرير الذي نفت محكمتكم الموقرة وجوده ضمن وثائق الملف، ما يعني أن تكليف الضبطية المؤسس على تقرير اللجنة البرلمانية بني على معدوم والمعدوم حسا كالمعدوم شرعا، وهنا ألتمس من المحكمة السماح بإبداء بعض الملاحظات على سير الملف قضائيا.

أولا: ملاحظات على مرحلة النيابة والتحقيق

بعد فتح البحث الابتدائي والذي كان يفترض أن يشمل أكثر من 300 شخص نسب البعض للبرلمان وجود أسمائهم أو صفاتهم في التقرير فقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك الاستهداف الواضح والتمييز الإجرائي الجلي في حق الرئيس السابق دون غيره في خرق واضح للفقرة: 3 من المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية التي تقول حرفيا: "يجب أن يحاكم الأشخاص الموجودون في ظروف متشابهة والمتابعون بنفس الجرائم وفقا لنفس القواعد.

ويتضح التمييز الإجرائي ضد الرئيس السابق والاستهداف الشخصي له من خلال:

 

1) فتح بحث مالي موازي عن ممتلكاته،

 

2) منعه من عقد مؤتمر صحفي للتعليق على ما يجري،

 

3) اعتقاله دون غيره وتم وضعه قيد الحراسة النظرية،

 

4) منعه من مغادرة نواكشوط دون غيره ممن شملهم البحث الابتدائي،

 

5) بدء لائحة المتهمين باسمه.

وكأنه هو الفاعل الرئيسي، في حين يعلم كل من له أبسط إلمام بصلاحيات رئيس الجمهورية أنه ليست له أي صفة تسييرية وبالتالي فلا يمكن اتهامه كفاعل رئيسي في أي موضوع.

6تغييب محاضر من حفظت في حقهم الدعوى

وهي المحاضر التي لو تم إطلاع التحقيق عليها لتوصل إلى أنه لا وجه للمتابعة في حق الرئيس السابق.

7) صدور أمر من التحقيق يمنع الرئيس السابق ودفاعه من الاطلاع على الملف، وهو الأمر الذي أكدته غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في نواكشوط كما أكدته الغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا، في خرق صارخ لصريح الفقرة 3 من المادة 105 من ق إ ج التي تقول بالحرف: "يجب أن يوضع ملف الإجراءات تحت تصرف محامي المتهم عشية اليوم المقرر للاستجواب...

8) تشديد التحقيق ظروف تطبيق المراقبة القضائية في حقه دون أي تسبيب، من خلال تحديد أوقات التوقيع من قبل شرطة الجرائم الاقتصادية، والذي يبدو أنه كان ينم عن نية مبيتة لإرغامه على العجز عن تطبيقه (وقت صلاة الجمعة، وقت صلاة الظهر يوم السبت، وقت صلاة العصر يوم الأحد)، ومع ذلك فقد سحب البساط من تحت هؤلاء وظل ملتزما بالتوقيع في هذه الأوقات.

 

9) استهدافه في الشارع العام من طرف أفراد من الأمن يتحرشون بسيارته أثناء سيره للتوقيع لدى شرطة الجرائم الاقتصادية تطبيقا للمراقبة القضائية، في حين يذهب باقي المشمولين في الملف للتوقيع دون أي مضايقة.

10) وضعه في الحبس الانفرادي أكثر من 6 أشهر دون غيره من المشمولين في القضية رغم انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي باعتراف النيابة العامة نفسها يوم وجهت الاتهام مكتفية بطلب الوضع تحت المراقبة القضائية فقط.

11) إيداعه السجن، في خرق لمبدإ الحضورية المقدس والذي كرسته المادة التمهيدية من ق إ ج بنصها في فقرتها الأولى حرفيا على أنه: "يجب أن تكون الإجراءات الجنائية عادلة وحضورية وتحفظ توازن حقوق الأطراف..."

12) بمجرد إيداعه السجن توقفت جميع إجراءات التحقيق في خرق واضح وصريح للفقرة الأولى من المادة 139 من ق إ ج التي تنص حرفيا على أنه:

 في جميع حالات الحبس الاحتياطي فإن قاضي التحقيق ملزم بأن يعجل إجراءات التحقيق في أسرع وقت ممكن، وهو مسؤول عن كل إهمال يمكن أن يؤخر بدون جدوى التحقيق ويطيل مدة الحبس الاحتياطي تحت طائلة التعرض لمخاصمة القضاة ...

وهنا نورد بعض الملاحظات التي قدمتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (رسمية) والتي جاء فيها: "لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أنه بقدر ما امتد التحقيق إلى فترة طويلة جدًا (تزيد عن سنة)، وهو أمر يعود بلا شك إلى تعقيد الملف وطبيعة التهم الجسيمة، بقدر ما كان في الوقت ذاته استجواب المتهمين من قبل قاضي التحقيق مقتضبا (أقل من ساعة خلال مثول واحد أمام القاضي خلال هذه الفترة الطويلة التي تزيد عن عام) ، وبناء عليه فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تشتبه في انتهاك مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان في العدالة، وهو مبدأ الحضورية، وكذلك واجب قاضي التحقيق بالتحقيق في كل من إثبات التهمة ونفيها

وبالنظر إلى أن التحقيق هو المرحلة الحاسمة في المحاكمة الجنائية، فإذا ثبتت هذه الوقائع فإن قاضي التحقيق يمكن أن لا يكون قد وفى بواجب منح المتهمين الوقت الكافي للرد على التهم الموجهة إليهم، وتقديم أدلتهم واستدعاء شهودهم.

13) عدم زيارة السيد وكيل الجمهورية له في السجن كما تطلب المادة 651 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقول:

يقوم قاضي التحقيق وقاضي تنفيذ العقوبة ووكيل الجمهورية والمدعي العام لدى محكمة الاستئناف بزيارة مؤسسات السجون الواقعة في دائرة اختصاصاتهم.

14) عدم زيارة قاضي التحقيق له في السجن كما تطلب المادة 651 من قانون الإجراءات الجنائية.

15) عدم زيارة رئيس غرفة الاتهام له في السجن كما تطلب المادة 220 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقول:

يقوم رئيس غرفة الاتهام أو من ينوب عنه بزيارة مؤسسات السجون الواقعة في دائرة اختصاص محكمة الاستئناف التي يعمل فيها كل ثلاثة أشهر على الأقل ويتأكد من حالة المتهمين الموجودين في حالة حبس احتياطي.

16) وضعه تحت المراقبة القضائية (المشددة) المخالفة للقانون والتضييق على عائلته داخل المنزل.

17) منعه من السفر داخل البلاد (روصو) وخارجها (فرنسا) خلافا للمادة 10 من دستور 20 يوليو 1991.

وبالرجوع إلى هذه الانتهاكات الواضحة والصريحة للمواد القانونية التي أحلنا إليها أعلاه فإنه يحق للرأي العام أن يطرح التساؤلات التالية:

من هي الجهة المستفيدة من هذه الخروقات؟

ولما ذا لا يتم احترام المساطر الإجرائية دون تمييز؟

وهل تم افتعال أزمة مرجعية الحزب الحاكم للانتقام من الرئيس السابق عقابا له على تسليمه السلطة في انتخابات شفافة ونزيهة؟

التاريخ هو من سيجيب على هذه التساؤلات

ثانيا: ملاحظات على سير المحاكمة

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

استجوبت محكمتكم الموقرة الرئيس السابق يوم 12 – 01 – 2023، وأخبره عضو المحكمة الذي استجوبه بأن عليه أن يحضر جلسة يوم 25 – 01 – 2023 23 دون أن يصدر في حقه أمر إيداع، ومنذ ذلك التاريخ سجلنا بعض الملاحظات التي نلتمس من المحكمة السماح لنا بعرضها كما يلي:

1) الأمر بإيداع المتهمين في الحبس خلافا للمسطرة المحددة بمواد قانون الإجراءات الجنائية.

وهنا نطرح الأسئلة التالية:

هل تعرف المحكمة مكان السجن الذي أودع فيه الرئيس السابق؟ وإذا كان الجواب بنعم فهل زارته المحكمة للاطلاع على وضعيته في السجن؟ وإذا كان جواب هذا السؤال بلا فما الذي منع المحكمة من زيارة شخص هي من أمرت بإيداعه السجن الذي يقبع فيه منذ 9 أشهر؟

إن قانون الإجراءات الجنائية في فصله الرابع تناول الإجراءات التحضيرية للدورات الجنائية فقسمها إلى قسمين قسم إجباري (يهم النظام العام ومخالفته مبطلة لما سيلحق عليه) بدأ من المادة 251، وقسم اختياري تناوله ابتداء من المادة 264 وهو ما يقتضي ضرورة قراءة مواد القسم الإجباري على مسامع المحكمة لنرى ما مدى انطباقيتها على القرارات التي اتخذتها هذه المحكمة، فنقرأ هذه المواد ونعلق عليها كما يلي:

 251: عندما يختتم جدول قضايا الدورة الجنائية يحول المتهم إذا كان معتقلا إلى سجن المكان الذي تعقد فيه المحكمة الجنائية جلساتها.

المادة 252: يستدعى المتهم الذي يوجد في حالة فرار أمام المحكمة الجنائية وفقا للأشكال المقررة في المواد 512 وما بعدها.

إذا حضر المتهم أو أوقف قبل التاريخ المحدد لمثوله يبلغ إليه أمر أو قرار الإحالة، ويقام بالإجراءات الواردة في المواد من 255 إلى 259 ومن 264 إلى 268 وذلك دون مراعاة أي أجل، إلا إذا طلب المتهم استئناف أمر الإحالة.

 

إذا كان أمد الاستئناف لم ينته في اليوم المحدد لمثول المتهم تؤجل القضية إلى الدورة المقبلة ما لم يتخل المتهم بحضور محاميه صراحة عن حقه في الاستئناف.

إذا لم يحضر المتهم ولم يوقف قبل التاريخ المحدد لمثوله تقع الإجراءات ضده غيابيا.

وهاتان المادتان غير منطبقتان لأن المشمولين ليس من بينهم معتقل.

المادة 253: يستدعى المتهم الذي يتمتع بالإفراج المؤقت للاستجواب المنصوص عليه في المادة 255 وما بعدها.

إذا لم يستجب للاستدعاء أصدر ضده أمر قبض ويكون الاستجواب عندئذ غير إجباري.

إذا لم ينفذ أمر القبض قبل التاريخ المعين للحكم في القضية يحاكم المتهم غيابيا.

نفذت المحكمة ما نصت عليه الفقرة الأولى من هذه المادة وفوت موكلنا فرضية الفقرة الثانية، ونتيجتها المؤكدة بالفقرة الثالثة، وذلك باستجابته للاستدعاء الذي وجهت إليه المحكمة يوم 12\01\2023.

المادة 254: إذا عقدت المحكمة الجنائية جلساتها خارج دائرة اختصاص محكمة الولاية، يوجه ملف الإجراءات بواسطة وكيل الجمهورية إلى رئيس المحكمة المختص بالمحل الذي تنعقد فيه الدورة الجنائية.

تحال أيضا الوثائق المؤيدة للتهمة إلى كتابة ضبط هذه المحكمة.

الشرط الذي افترضته المادة 254 غير متوفر وبالتالي فلا محل لها في هذه المسطرة.

المادة 255: يستجوب رئيس المحكمة الجنائية أو قاض معين من طرفه المتهم بثمانية (8) أيام على الأقل قبل افتتاح الدورة.

يخفض هذا الأجل إلى ثلاثة (3) أيام في حالة التلبس بالجناية.

يجب أن يستعان بمترجم إذا كان المتهم لا يتكلم أو لا يفهم العربية.

تم تطبيق الفقرة الأولى من هذه المادة حرفيا.

المادة 256: يحقق رئيس المحكمة الجنائية أو القاضي الذي يخلفه في هوية المتهم ويتأكد من أنه قد تسلم إبلاغ أمر أو قرار الإحالة أو أنه استجوب من طرف وكيل الجمهورية طبقا للحالة الواردة في المادة 63 وأنه على علم بالتاريخ الذي يجب أن يمثل فيه أمام المحكمة الجنائية.

يخبر المتهم بأسماء المحلفين المعينين.

إذا كان المتهم في حالة إفراج مؤقت يصدر رئيس المحكمة الجنائية أو القاضي الذي يخلفه أمر إيداع ضده ويبلغه له. ويمكنه آنذاك أن يقرر أن أمر الإيداع لا يكون نافذا إلا عشية افتتاح الدورة، ويترك المتهم في حالة حرية إلى هذا التاريخ، وذلك بناء على مجرد تعهد منه.

إذا أخل المتهم بتعهده يحاكم غيابيا ما لم يحضر في اليوم المعين للحكم.

تم تطبيق الفقرة الأولى من المادة أما الفقرة الثانية فيبدو أن القاضي الذي خلف الرئيس بموجب المادة 255 لم يجد مسوغا لإصدار أمر إيداع في حق المتهمين وبالتالي فقد طلب منهم حضور الجلسة المقررة يوم 25\01\2023 وهو ما يعني انتفاء إمكانية تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 256.

إن تخلي القاضي الذي خلف الرئيس في استجواب المتهمين عن إصدار أمر بالإيداع بعد الاستجواب مباشرة يفقده كما رئيس المحكمة إمكانية إصدار هذا الأمر نظرا لأنه لا يتصور صدور أمر إيداع إلا بعد استجواب، وهو ما يجعل الأمر الصادر عن رئيس المحكمة غير متطابق مع الإجراءات الإجبارية التي تهم النظام العام.

لقد تم تأسيس أمر الإيداع الصادر بتاريخ 23\01\2023 على المادتين 147 و153 من قانون الإجراءات الجنائية وهما المادتان الواردتان في الفصل الأول: في قاضي التحقيق، القسم السابع: الوضع تحت المراقبة القضائية والحبس الاحتياطي، فما ذا تقول المادتان؟.

المادة 147.- إذا استدعي المتهم للحضور بعد الإفراج عنه مؤقتا ولم يمثل، أو إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري اعتقاله، فلكل من قاضي التحقيق أو رئيس المحكمة المختص أن يصدر أمرا جديدا باعتقاله.

إذا منحت غرفة الاتهام الإفراج المؤقت بناء على استئناف أمر صادر عن قاضي التحقيق، فلا يمكن لهذا القاضي إصدار أمر جديد بالاعتقال إلا إذا سحبت هذه الغرفة تمتع المتهم بالإفراج المؤقت بناء على طلبات مكتوبة من النيابة العامة.

المادة 153.- يوقف المتهم المحال على المحكمة الجنائية قبل بدء الدورة بمقتضى أمر إيداع أو قبض صادر من رئيس المحكمة الجنائية وذلك بقطع النظر عن الإفراج المؤقت.

انطلاقا من المنهجية العادية التي اعتمدها قانون الإجراءات الجنائية ونظرا لأن المادتين وردتا بفارق كبير قبل الإجراءات التحضيرية للدورات الجنائية فإن تأسيس أمر الإيداع عليهما لا يعدو كونه محاولة لإيهام المتلقي أن مرحلة الإجراءات تقتضي تطبيقهما فلا المتهمون تم استدعاؤهم ولم يحضروا ولا المحكمة بينت في أمر الإيداع الظروف الطارئة أو الخطيرة التي تبرر الاعتقال طبقا للمادة 147 كما أن المادة 153 لم تجد لها محلا للتطبيق في المسطرة نظرا لتطابق مضمونها مع المادة 256 والتي قرر القاضي الذي خلف رئيس المحكمة يوم 12\01\2023 التخلي عن تطبيق شقها المتعلق بإيداع المتهمين.

إن المتأمل لأمر الإيداع سيجد أن في حقيقته أمر قبض وليس أمر إيداع نظرا للفقرات التالية التي وردت فيه:

نأمر جميع العدول المنفذين ومأموري القوة العمومية باقتياد المسمى أسفله وفقا للشروط القانونية.

نأمر مسير السجن الذي سيستظهر أمامه بهذا الأمر باستلامه والاحتفاظ به في السجن إلى أن يصدر أمر بخلاف ذلك.

ونطلب من كل مأمور للقوة العمومية أظهر إليه هذا الأمر أن يقدم يد المساعدة في تنفيذه عند الاقتضاء.

إن هذه الفقرات عادة تكون ضمن أوامر القبض نظرا لأنها موجهة للجميع من أجل تنفيذها، أما أوامر الإيداع فهي عادة تكون حضورية وتبلغ للمتهم بعد أن يتم تحديد السجن الذي ستنفذ فيه وبالتالي تكون موجهة إلى مسير سجن محدد من أجل تنفيذها.

 

إن التأسيس على المادتين 147 و 153 رغم ابتعاد الفصل الذي وردتا فيه عن الفصل المتعلق بالتحضير للدورات الجنائية هو نفسه الذي تحججت به المحكمة في قرارها الامتناع عن استدعاء شهود النفي حين نصت في القرار الصادر في جلستها رقم 047\2023 بتاريخ 09\10\2023 على ما يلي:

وحيث إن استدعاء الشهود الذي يتمسك به الدفاع في هذه المرحلة ترى المحكمة أن أوانه قد فات إذ أن المادة 263 وردت ضمن الفصل الرابع المنظم للإجراءات التحضيرية للدورات الجنائية ويعني ذلك أن طلب استدعاء الشهود من قبل الأطراف إنما يجوز قبل افتتاح الدورة.

حيث إن المادة صرحت أن الطلب يمكن أن يقدمه الدفاع لرئيس المحكمة أو القاضي الذي يخلفه ومعلوم أن خلافة رئيس المحكمة لا تكون إلا إبان الإجراءات التحضيرية للدورة الجنائية كما أن استدعاء الشهود محكوم بآجال وإجراءات نصت عليها المواد 511-587 تجب مراعاتها بداية الدورة كي توائم جدول القضايا المعروضة في الدورة.

إن اعتبار المحكمة في هذا القرار لمنهجية قانون الإجراءات الجنائية لتسبيب رفضها استدعاء شهود النفي بقولها ( ترى المحكمة أن أوانه قد فات ) يلزمها وبنفس المنطق أن تمتنع عن إيداع المتهمين لأن أوانه يوم صدوره قد فات فعلا طبقا للمادة 256 اللهم إلا إذا كانت المحكمة تؤمن ببعض القانون وتكفر ببعضه؟.

المادة 257: إذا لم يستعن المتهم بمحام، يطلب منه رئيس المحكمة الجنائية أو القاضي الذي يخلفه أن يختار أحد المحامين المعتمدين لدى المحاكم الموريتانية. وإذا لم يقم المتهم بهذا الإجراء يعين له رئيس المحكمة أو القاضي الذي يخلفه من تلقاء نفسه محاميا. ويصبح هذا التعيين لاغيا إذا اختار المتهم محاميا فيما بعد.

يتبين من خلال قراءة هذه المادة أنها منصبة على حقوق الدفاع ووجوب أن يكون المتهم مؤازرا بمحام وهي فرصة لتناول موقفين سابقين لهذه المحكمة يتعلق الأول منهما بتعليق جلسات المحكمة يوم قرر دفاع الرئيس السابق الانسحاب من المحكمة احتجاجا على رفضها الاستماع لطلبات من ضمنها مناقشة موضوع الطرف المدني، ويتعلق الأمر هنا بقرار المحكمة منح الرئيس السابق فرصة لإقناع دفاعه بالعودة أو استبدالهم بغيرهم، أما الأمر الثاني فهو قرار المحكمة بتعيين محامين للدفاع عن الرئيس السابق يوم انسحب دفاعه احتجاجا على رفض المحكمة الاستماع لشهود نفي تقدم الدفاع بقائمتهم مع الوقائع التي سيشهدون عليها، وما غاب على المحكمة هو أن إمكانية تعيين محام للمتهم من قبل رئيس المحكمة أو القاضي الذي ينوبه جاءت ضمن الإجراءات التحضيرية الإجبارية وليس ضمن مرحلة المرافعات.

المادة 258: يحصل المحامي المعين تلقائيا بهذه المناسبة على مصاريف التنقل والإقامة الممنوحة لقضاة المحكمة الجنائية.

المادة 259: يثبت إتمام الشكليات المنصوص عليها بالمواد من 255 إلى 257 بمحضر يمضي عليه رئيس المحكمة الجنائية أو القاضي الذي يخلفه ويوقعه كاتب الضبط والمتهم وعند الاقتضاء المترجم. وإذا كان المتهم لا يحسن التوقيع فتوضع عليه بصمته، فإذا امتنع ذلك وقعت الإشارة إلى الامتناع في المحضر.

قد تكون المحكمة طبقت هاتين المادتين وقد لا تكون وذلك شأنها لأننا لسنا طرفا في حال مخالفتهما.

المادة 260: للمتهم بعد استجوابه أن يتصل بحرية بمحاميه.

للمحامي الإطلاع على جميع أوراق القضية في مكان وجودها دون أن يترتب على ذلك تأخر في سير الإجراءات.

منذ إيداع موكلنا تم تعطيل الفقرة الأولى من هذه المادة ولم يتمكن موكلنا من الاتصال بنا بحرية، في حين تم تطبيق الفقرة الثانية منها بعد لأي وطول انتظار.

المادة 260: لا يعطى للمتهمين بصفة مجانية مهما كان عددهم، وفي جميع الحالات، إلا نسخة واحدة من محاضر معاينة الجريمة ومن تصريحات الشهود الكتابية.

لا يمكن تطبيق هذه المادة على الوقائع محل المتابعة نظرا لغياب محاضر معاينة الجريمة أصلا.

المادة 261: يمكن للمتهم والطرف المدني ومحاميهم أن يحصلوا على نسخ من كل وثائق الإجراءات على نفقتهم.

جميع ما حصلنا عليه من الوثائق كان على نفقتنا.

المادة 263: يستدعي وكيل الجمهورية الطرف المدني والشهود حسب الشكليات الواردة في المواد 512 وما بعدها.

غير أنه في حالة التلبس بالجناية فيمكن أن يستدعى شفهيا من طرف أي ضابط شرطة قضائية أو عون من أعوان القوة العامة.

يمكن للمتهم والطرف المدني أو محاميهم أن يطلبوا من رئيس المحكمة الجنائية أو القاضي الذي ينوبه أن يأمر باستدعاء شهود إضافيين بواسطة وكيل الجمهورية. ويمكنهم أيضا أن يقدموا بأنفسهم شهودا إضافيين أثناء الجلسة. وفي هذه الحالة فإن التعويضات الواجبة للشهود تكون على حسابهم.

بالرجوع إلى المادة 512 التي أحالت إليها الفقرة الأولى من المادة 263 سنجد أنها وردت تحت عنوان الفصل الخامس: في استئناف أحكام محكمة المخالفات، ضمن الباب الرابع: في الاستدعاءات والإبلاغات وهي تقول بالحرف:

المادة 512.- يكون الاستدعاء كتابيا، ويبين في جميع الحالات:

الهوية الكاملة للشخص المستدعى التامة ومهنته ومقره ومحل إقامته.

ما إذا كان متهما أو مسئولا مدنيا أو طرفا مدنيا أو شاهدا.

المحكمة المختصة.

تاريخ ووقت ومكان الجلسة.

علاوة على ذلك يشمل الاستدعاء الموجه للمتهم الوقائع محل المتابعة ويشير إلى النص القانوني الذي يعاقب عليها.

يبين الاستدعاء الموجه إلى المسؤول مدنيا أو الطرف المدني أو الشهود اسم المتهم وطبيعة الجريمة.

لقد تم تطبيق جزء من هذه المادة لصالح المحكمة والنيابة والطرف المدني بحيث تم استدعاء شهودهم ورفضت المحكمة استدعاء شهود النفي المقدمين من طرف موكلنا ربما في سابقة من نوعها.

 

2) سماح المحكمة لأول مرة ربما في تاريخ البشرية للطرف المدني بإبداء رأيه في حرية المعتقلين خلافا للفقرة الثالثة من المادة 186 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقول:

ليس للطرف المدني ولا لمحاميه بحال من الأحوال تقديم طلب الاستئناف ضد أمر أو جزء من أمر يتعلق باعتقال المتهم أو وضعه تحت المراقبة القضائية.

3)عدم سماح المحكمة للدفاع بنقاش مركز الطرف المدني بل وفرضها لهذا الطرف بقولها أنها تتجاوز الموضوع.

لقد أصدرت محكمتكم الموقرة قرارها باعتماد هذا الطرف المدني يوم 20\03\2023 أي بعد قرابة شهرين من افتتاح الدورة.

وهنا ألتمس من المحكمة السماح بتناول موضوع هذا الطرف المدني لأول مرة في هذه المسطرة لأقول:

إن الطرف المدني أيا كان، ينتصب من أجل هدف واحد هو التعويض له عن أضرار يستطيع إثبات حصولها في حقه ولا يمكنه المطالبة بغير التعويض لأن الدعوى المدنية هي دعوى تعويض وقد تناول قاون الإجراءات الجنائية الموضوع ابتداء من المادة الأولى التي أجازت للطرف المدني تحريك الدعوى العمومية وفقا للشروط المحددة في المدونة، وجاء في الفقرة الأولى من المادة 2 من قانون الإجراءات الجنائية أنه:

تقام الدعوى المدنية من أجل تعويض الأضرار الناتجة عن جناية أو جنحة أو مخالفة، وهي حق لكل شخص أصيب بضرر مباشر مترتب عن الجريمة.

كما جاء في الفقرة الثانية من المادة 3 من ق إ ج ما نصه:

وتقبل الدعوى المدنية بسبب كل الأضرار المادية أو البدنية أو الأدبية الناجمة عن الوقائع التي هي موضوع المتابعة الجزائية، كما يمكن أيضا قبولها من أجل كافة الأضرار المنسوبة إلى الشخص المتابع وتكون لها علاقة ارتباط بالوقائع موضوع المتابعة.

وجاء في المادة 75 من ق إ ج أنه:

يجوز لكل شخص يرى أنه تضرر من جناية أو جنحة أن يقوم صراحة بتقديم شكوى أمام قاضي التحقيق المختص.

وبالرجوع إلى هذه النصوص سنلاحظ أنه:

يقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة المحاكم المختصة... الفقرة الثانية من المادة الأولى من ق إ ج، وبالتالي فهي اختصاص أصلي للنيابة العامة التي لا تحتاج إلى لفيف من المحامين بهذا الكم- الذي يضم جميع النقباء السابقين والكثير من العمداء والزملاء الأفاضل الذين وصفهم أحدهم أمام محكمتكم بأنهم طرف منضم للنيابة- لمؤازرتها في هذه المهمة التي أسند إليها القانون نيابة عن المجتمع والدولة.

لماذا تقبل النيابة العامة أصلا وهي طرف ممتاز وخصم شريف التحاق هؤلاء بها في المسطرة بعد أن أشرفت على النهاية دون أن تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا (وثائق الملف تثبت عدم قيامهم بأي جهد في الملف).

ألا يعتبر ظهور هؤلاء في مراحل المسطرة الأخيرة تعديا على مكانة النيابة ومحاولة للنيل من قدراتها؟.

وكأنها لم تقم بعملها كما ينبغي وبالتالي ضرورة إسنادها بهذا الكم النوعي من الزملاء الذي بدأ في الإعلام بعدد 60 محاميا قبل أن يتقلص إلى هذا العدد والذي رغم حضور أغلبه للجلسات إلا أن أغلبهم فضل الصمت المطبق الذي التزمه طيلة المسطرة ولم يبذل أي جهد في القاعة وكأن هؤلاء ملتزمون بتسجيل الحضور فقط رغم أن بعضهم كان غائبا عن المحاكم بشكل عام لمدة طويلة حتى أن البعض منهم بسب طول غيابه عن المحاكم وجد حرجا في الأيام الأولى للمحاكمة لأنه لم يجد من يعرفه عند بوابات القصر ولا داخله من مرتادي القصر من محامين وأعوان قضاء.

ألا يعتبر هذا من قبيل الضغط النفسي على المتهمين من خلال إظهار هذا الكم الكيفي من المحامين يترافع ضدهم إلى جانب النيابة العامة؟.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

من شروط قبول دعوى الطرف المدني وجود ضرر مباشر ناشئ عن واقعة معينة والضرر هنا لا بد أن يكون محققا لا محتملا كما أن حجمه لا بد أن يكون محددا لا متوهما، كما أنه يشترط أيضا تقديم شكوى وهذه الشروط منتفية جملة وتفصيلا في هذه القضية فلم يتقدم هذا الطرف أصلا بشكوى أمام النيابة ولم يطلب القيام بالحق المدني أمام التحقيق، كما أن هذا الطرف لم يقدم وقائع تضرر منها مباشرة ولم يحدد جازما حجم الضرر المفترض أنه حصل في حقه.

إن العنصر الجزائي منعدم في الوقائع المنشورة أمام محكمتكم فهي أعمال سيادية قامت بها الدولة لصالح ولمصلحة الشعب ولم يترتب على القيام بها ضرر مادي مباشر لأي جهة كانت وهو ما يعني انتفاء الصفة والمصلحة في المطالبين بالتعويض عن هذه الأعمال.

إن اعتبار الدعوى المدنية دعوى تعويض وفي وجود التهم محل المتابعة يلغي تلقائيا اعتماد طرف مدني في هذه القضية نظرا إلى أن عقوبة بعض التهم تقتضي مصادرة الأموال والمصادرة لا يتصور معها تعويض.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

لا بأس أن نعرج على النصوص المطبقة في المنطقة والتي ننتمي نحن وهي إلى بيئة قانونية متشابهة باعتبار البعض منها مصدرا لبعض النصوص عندنا مثل المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية لنجد أن قانون الإجراءات في المغرب تناول موضوع الدعوى العمومية فجاء في الفقرة 2 من المادة الثالثة:

يقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة ... الخ.

كما يمكن أن يقيمها الطرف المتضرر طبقا للشروط المحددة في هذا القانون.

وجاءت المادة 7 من نفس القانون لتقول:

 

يرجع الحق في إقامة الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة لكل من تعرض شخصيا لضرر جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة.

وقد سار قانون الإجراءات الجزائرية في نفس الاتجاه الذي سار فيه القانونان الموريتاني والمغربي حين ورد في المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائرية ما نصه:

الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء ... إلخ.

كما يجوز أيضا للطرف المتضرر أن يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون.

وجاء في المادة 7 من ق إ الجزائرية ما يلي:

يتعلق الحق في الدعوى المدنية للمطالبة بتعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة أو مخالفة بكل من أصابهم بضرر مباشر تسبب عن الجريمة.

السيد الرئيس السادة أعضاء المحكمة الموقرة

يتبين من خلال هذه المواد المقارنة أنها هي نفسها الموجودة في قانون الإجراءات الجنائية الموريتاني مع اختلاف في الترقيم فقط، وهي جميعها اتفقت على اشتراط وجود ضرر مباشر مترتب على الجريمة وهو ما ينتفي في حالة الوقائع المعروضة أمامكم.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

إن الوقائع محل المتابعة تمت يوم اتخاذها باسم ولمصلحة الشخصية المعنوية وتم تمريرها عبر أجهزة تلك الشخصية ما يعني انصراف الوقائع إلى ذمة الشخصية المعنوية وهو ما يستحيل معه مطالبة هذا الشخص المعنوي بالتعويض عن تصرفاته تجاه نفسه.

إن السادة الزملاء حين قرروا الانتصاب ممثلين لطرف مدني محتمل لم يتضح لهم بعد، لم يكن أمامهم إلا اللجوء إلى وسائل الإعلام وإلقاء التهم جزافا والمطالبة بأرقام فلكية لم تسعفهم الوقائع بتبريرها وهو ما انعكس على سلوكهم طيلة هذه المسطرة فلم يقدموا أي شكاية ولا طلبات ولا عرائض ولا مذكرات إلا مرة واحدة أمام التحقيق حين طلبوا حضور مواجهة بصفتهم يمثلون طرفا مدنيا وهو الطلب الذي قابله التحقيق بالرفض وحين استأنفوه قررت غرفة الاتهام رفض استئنافهم وهو الرفض المؤكد من الغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا.

ما هو حجم الضرر الذي وقع على هذه المؤسسات كل منها على حدة؟

ما هي الأطراف المدنية التي يمثلها هؤلاء؟

وهل كل واحد منهم يمثل جميع هذه المؤسسات؟

في حال تعارضت مصالح هذه المؤسسات فأيها يمثل هؤلاء؟

أحدهم مثلا يمثل شركة سنيم ويطالب بحقها في قرض صفقة المطار وفي نفس الوقت يمثل هذا الزميل وزارة المالية ووزارة التجهيز والنقل فأي الأطراف سيحرص على حماية مصالحه في مواجهة مصالح الطرف الآخر؟

أحدهم مثلا يمثل خيرية سنيم ويطالب بحقوقها في العمليات التي قامت بها من شراء الأعلاف وتبليط بعض الساحات... الخ وفي نفس الوقت يمثل هذا الزميل مفوضية الأمن الغذائي ووزارة التجهيز والنقل فأي الأطراف سيحرص على حماية مصالحه في مواجهة مصالح الطرف الآخر؟

أحدهم مثلا يمثل شركة سوملك ويطالب بحقها في صفقة الجهد العالي وفي نفس الوقت يمثل هذا الزميل وزارة المالية ووزارة الطاقة فأي الأطراف سيحرص على حماية مصالحه في مواجهة مصالح الطرف الآخر؟.

أحدهم مثلا يمثل شركة A T T M ويطالب بحقها المترتب على دمجها مع مؤسسة أنير وفي نفس الوقت يمثل هذا الزميل شركة أنير ووزارة التجهيز والنقل فأي الأطراف سيحرص على حماية مصالحه في مواجهة مصالح الطرف الآخر؟.

والأخطر من هذا أن بعض هؤلاء أحيانا يظهر ضد مصالح من يدعي تمثيله حماية لمصالح خصوم موكليه كما حدث حين احتج النقيب ابراهيم أبتي على إجراءات استرجاع المنطقة الحرة للقطع الأرضية محل النزاع مع رجل الأعمال محمد كركوب واستمات في الدفاع عن ولد كركوب معتبرا أنه مظلوم.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

إن الإصرار على قبول هذا الطرف المدني رغم رفض طلبه اليتيم -الذي قدمه للتحقيق المتعلق بحضور مواجهة- بصفته طرفا مدنيا يطرح بعض الإشكالات والاستفهامات والتساؤلات من قبيل:

ما هي المثبتات التي يتكئ عليها هذا الطرف لإثبات تضرره من الوقائع محل المتابعة؟

لماذا لا يتقدم بهذه المثبتات خلال مراحل المسطرة؟

ما هو الضرر المباشر والمؤكد الذي وقع على هذا الطرف المدني؟

والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء

ما هو المبلغ الذي يطالب به الطرف المدني كتعويض وعلى أي أساس تم تحديده؟

ألا يتنافى طلب التعويض في حال تحديد المبلغ مع مبدإ المطالبة بمصادرة أموال المتهمين؟

في ظل غياب المثبتات -والمؤسسات المنتصبة أطرافا مدنية لم تسجل أي منها اختلاسا ولا سرقة- فكيف لهذه المؤسسات أن تنتصب طرفا مدنيا؟

ما دام الجميع يتحرك من أجل محاربة الفساد فإننا نطرح الأسئلة التالية:

كيف يسمح بمحاربة الفساد بالفساد؟

ألا يعتبر اكتتاب هذا الكم النوعي من المحامين فسادا في حد ذاته؟

من هي الجهة التي دفعت أو ستدفع لهؤلاء أتعابهم؟

 

أين هم محامو المؤسسات التي يفترض تضررها والذين يتقاضون أتعابهم شهريا أو فصليا؟

أين كان محامو شركة سوملك أيام اتفاقية شركة كالباتارو الهندية، وسنيم أيام قرض المطار وأشغال الخيرية ودمج A T T M وأنير، وإدارة الأمن حين اقتطع جزء من مدرسة الشرطة ... الخ؟

لماذا لم يتقدم هؤلاء بشكوى محددة تتحدث عن وقائع بعينها وتثبت اختلاس أموال هذه المؤسسات؟

هل تعلم المحكمة الموقرة أن هذا الكم النوعي من المحامين لم يتقدم طيلة مراحل هذه المسطرة بأي دليل ولا إثبات على ما يدعيه حسب ما حصلنا عليه من الملف، بل إنه أكثر من ذلك لم يبذل أي جهد في هذا الاتجاه باستثناء هذه الأوراق القليلة التي ألتمس من المحكمة السماح بقراءة عناوينها؟

ألا يعتبر هذا تقصيرا من هؤلاء في مهمتهم؟ أم إن الجهة التي انتدبتهم لم تكلفهم أصلا ببذل عناية؟

عن أي جهد سيتقاضى هؤلاء أتعابهم من أموال الشعب؟

هل "تنكفارت" 10% التي وردت في المادة 47 من قانون مكافحة الفساد هي التي تقف خلف تعهيد هذا الكم النوعي من المحامين في هذه المسطرة؟

هل يمكن للمحكمة أن تحكم بمصادرة جميع أموال المتهمين وفي نفس الوقت التعويض للطرف المدني؟

لصالح أيهما سيتم التنفيذ؟

إن القرارات المتخذة باسم الشركات والهيآت تنصرف إلى ذمتها وبالتالي فلا يمكن لها الانتصاب طرفا مدنيا يطالب بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب تصرفاته هو نفسه.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

كان على محكمتكم قبل قبول هؤلاء طرفا مدنيا أن تسمع حججهم وتسمح بمناقشتها واتخاذ قرار مؤسس بناء على ما يتقدم به الأطراف إن سلبا أو إيجابا.

4) تحجج المحكمة بمواد قانون الإجراءات من قبيل المواد 183 و211 و222 و548 في مواجهة مواد الدستور 93 (قانون الإجراءات متأخر في الهرم التشريعي عن الدستور بموجب المادة 80 من دستور 20 يوليو 1991).

5) ضم المحكمة الاختصاص النوعي (يهم النظام العام وعلى المحكمة إثارته من تلقاء نفسها) للأصل في سابقة تكاد تكون هي الأولى في هذا المجال، وما دام الاختصاص النوعي في هذه القضية محددا بالدستور فإننا نطرح أسئلة من قبيل: ما ذا لو تبين للمحكمة أنها غير مختصة بعد أن بعثرت أسرار الدولة وعلاقاتها الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة؟ وهل يمكن للمحكمة جبر ما ترتب على تناول عدم اختصاصها من أخطاء؟

6) وصف المحكمة لشهودها بأنهم ليسوا شهود إثبات ولا شهود نفي فعلى ما ذا إذا سيشهدون؟

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

ألتمس من المحكمة السماح بتناول موضوع الشهادة والشهود في الشريعة والقانون، فالشاهد لا يعدو كونه شاهد إثبات يقدمه المدعي (النيابة والطرف المدني) لإسناد دعواه، أو شاهد نفي يقدمه المتهم لتفنيد التهم الموجهة إليه، وتعتري الشاهد أحكام الشهادة التي قد تحول دون تقديم شهادته أو تعدمها بعد تقديمها فيما يعرف بموانع الشهادة وقوادحها.

فقد جاء في المادة 305 من قانون الإجراءات الجنائية عدم إمكانية شهادة الأصول والفروع، الإخوة والأخوات، الأصهار، الزوج والزوجة، الطرف المدني، من يقل عمره عن 15 سنة.

كما أن المادة 444 من قانون الالتزامات والعقود لا تسمح بشهادة مجموعة من ذوي الصفات إلا بعد الإذن لهم من السلطات المختصة وهذا نص المادة:

الموظفون والمكلفون بخدمة عامة لا يشهدون، ولو بعد تركهم العمل، على ما يكون قد وصل إلى علمهم، في أثناء قيامهم به، من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن السلطة المختصة في إذاعتها، ومع ذلك فلهذه السلطة أن تأذن لهم في الشهادة بناء على طلب المحكمة أو أحد الخصوم.

فهل توفرت هذه الشروط وإذا كان الجواب بنعم فأين ما يثبتها؟ أم إن المحكمة سمحت لنفسها بالاستماع لهؤلاء دون توفر شروط الاستماع المنصوصة في المادة 444 من قانون الالتزامات والعقود؟

وبما أن العدالة شرط في قبول شهادة الشهود فهل توفرت العدالة في شهود المحكمة كما تطلب المادة 450 من قانون الالتزامات والعقود التي تقول بالحرف:

كل شاهد لم تثبت عدالته بوجه معتبر شرعا شهادته لاغية إلا عند تعذر العدول.

وعبء إثبات عدالة الشاهد يقع على عاتق من يستظهر بشهادته كما نصت على ذلك المادة 454 من قانون الالتزامات والعقود بقولها:

يقع عبء إثبات عدالة الشاهد على عاتق الطرف المستظهر بشهادته.

فهل تأكدت المحكمة من عدالة شهودها وهل كلفت نفسها عبء البحث عن الدليل على تزكيتهم؟

وقد أحال قانون الالتزامات والعقود في مجال وسائل الإثبات إلى المذهب المالكي بموجب المادة 455 من قانون الالتزامات والعقود التي جاء فيها:

كل ما لم ينص عليه في هذا الفصل يرجع فيه إلى المذهب المالكي.

والمذهب المالكي في مجال الجرح والتعديل واضح وجلي فالشهادة في الأمور الشرعية لها مكانتها العظمى، لما لها من أهمية في انضباط الأفراد والمجتمعات، لذلك وزنها الشارع بميزان التوسط بحيث لا إفراط فيها ولا تفريط،، ومن هنا نظر العلماء في قوادحها نظرين أساسيين، إذ ناطت القِسم الأول بالقدحِ في العدالة والأداء معا، ومثال ذلك من اشتهر بالكذب، أو التدليس، أو من توسمت فيه العدالة، أو الذي لم تتوسم فيه عدالة ولا جرحة، الذي توسّمت فيه الجرحة، فإن هؤلاء لا تقبل شهادتهم إلا بعد التزكية، أي أن شهادتهم مقدوح فيها قبل الأداء وعند الأداء اللهم إلا إذا تغير حالهم، فإن العلة تدور مع معلولها وجودا وعدما، أما القسم الثاني فالعدالة فيه ثابتة لكن أداءها غير مقبول، وأصحابها على النحو التالي:

المغفل، الصديق لصديقه، الأخ لأخيه، الابن لأبيه، الزوج لزوجته، الصهر لصِهْره، العالم على العالم....

فهذه الأصناف مشكلتها ليست في عدم العدالة وإنما المشكلة عند الأداء، وفي ذلك قال الجعلي ناظم أسهل المسالك:

ولم تجز شهادة المغفلِ           وفي كثِير المالِ مثل السائل

أو جرّ نفعا أو لضُر أذهبا        عن نفسه أو عن قريب قربا

أو شاهد رُد بوصف ففقِد       ذا الوصف لا تقبله فيما قد شهدْ

كذلك المحدود فيما حُدا           أو عالم على مثيلٍ أدّى

ولكن هذه القوادح في الحقيقة لا تقدح إلا في غير المبرز، أما المبرز فلا يقدح فيه منها إلا العداوة والقرابة الشديدة كالأبوة والبنوة، قال صاحب التحفة:

فالعدل ذو التبريز ليس يقدح          فيهِ سوى عداوة تستَوْضح

وغير ذي التبريز قد يجرح           بغيرها من كل ما يستقبَح

وجاء في مختصر خليل:

العدل:

حر مُسْلِمٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ بِلَا فِسْقٍ وحجر وبدعة وإن تأول...

ولا متأكد القرب كأب وإن علا ...

ولا عدو ولو على ابنه أو مسلم وكافر وليخبر بها ...

ولا إن حرص على القبول كمخاصمة مشهود عليه مطلقا ...

ولا إن جر بها نفعا: كعلى مورثه المحصن بالزنا أو قتل العمد إلا الفقير...

وَلَا إنْ دَفَعَ كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شهود القتل ...

وَلَا مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ ...

ولا عالم على مثله ...

وَقَدَحَ فِي الْمُتَوَسِّطِ بِكُلٍّ وَفِي الْمُبَرِّزِ بِعَدَاوَةٍ وقرابة ...

السيد الرئيس السادة أعضاء المحكمة الموقرة

بالرجوع إلى النصوص الشرعية والقانونية فإن كل من تقدم للشهادة كشاهد إثبات في هذه القضية (وإن كانوا جميعا لم يشهدوا على موكلنا بما يخالف القانون) لا يمكن قبول شهادته نظرا لأنها لا تخلو من كونها تجلب منفعة لأصحابها (التشهير بموكلنا) أو تدفع ضررا (جعله كبش فداء).

إن هذه الشهادات مردودة ولا تلزم إلا قائليها، فشهادات هؤلاء إما أن تكون اعترافات على أنفسهم فذلك شأنهم وإما أن تكون ادعاءات على موكلنا فلم يقدم أي من هؤلاء ما يثبت أن الرئيس السابق أمره بما يخالف القانون بل إن البعض من هؤلاء الشهود حين سئل سؤالا مباشرا هل أمره الرئيس بأوامر مخالفة للقانون أجاب بالنفي.

7 ) عدم قدرة المحكمة على التفريق في الاستجواب بين:

أ) حق المتهم في الصمت المكفول بالمادة 101 من ق إ ج التي جاء في فقرتها الثانية ... وله (أي قاضي التحقيق) أن يأمر بكافة التحريات للتحقق من هوية المتهم ويحيطه علما بكل الوقائع المنسوبة إليه ويشعره بأنه حر في أن لا يدلي بأي تصريح...

 

ب) وجوب قول الشاهد للحق كل الحق طبقا للمادة 92 من ق إ ج التي تقول: يؤدي الشهود اليمين على أن يقولوا كل الحق ولا شيء غير الحق.

 

8) سماح المحكمة بنقاش الأعمال السيادية للدولة (في انتهاك صارخ لمبدإ فصل السلطات) والتي هي من اختصاص السلطة التنفيذية طبقا للمادة 59 من الدستور.

 

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

إن الإدارة أثناء قيامها بواجباتهـا المتمثلة في البحث عن المصلحة العامة يفترض فيها حسن النية وأن موجهها الأول والأخير هو المصلحة العامة ولا يمكن محاسبتها على النتائج، ومن خصائص القانون الإداري أنه غير مكتوب وهو ما أسس لحرية الإدارة في اتخاذ القرارات كلما رأت لذلك حاجة انطلاقا من السلطة التقديرية للقائمين على إصدار تلك القرارات، وتعنـي السلطة التقديرية الحـق الممنـوح للسلطة التنفيذية فـي ممارسـة نشـاطها في الظروف الطبيعية، توخيا للوصول إلى الهدف النهائي الذي تسعى الجهة الإدارية إلى تحقيقه ويتمثـل هـذا الهـدف في المصـلحة العامـة بصـفة عامـة، وذلك أنه كلما امتنعت القوانين من إلزام السلطة التنفيذية باتخاذ قرار معين إزاء حالة معينة فهذا يعني أن القوانين قد تركت لـلسلطة التنفيذية الحريـة التامة فـي أن تتخـذ القرار الذي تراه وفق تقديرها للظروف المحيطة، وهذا ما كرسته المادة 59 من دستور 20 يوليو 1991 بقولها حرفيا:

المواد الخارجة عن مجال القانون من اختصاص السلطة التنظيمية.

9) طرح بعض الأسئلة التي تنافي مبدأ فصل السلطات (المكرس بالمادة 90 من الدستور) وذلك من قبيل:

 كيف تم اتخاذ الإجراء كذا في مجلس الوزراء؟ ومن قدم المشروع كذا إلى مجلس الوزراء؟

 

10) رفض المحكمة بقرار استدعاء شهود الرئيس السابق.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن أي باحث عن الحقيقة مهما كان نوع الحقيقة التي يبحث عنها لا يمكنه إغفال أي خيط قد يدله على ما يخدم بحثه أحرى إذا كان هذا الخيط بمثابة حبل غليظ واصل وموصل إلى الحقيقة التي لا مراء فيها.

 

إن رفض محكمتكم لمبدإ الاستماع للائحة شهود النفي التي تقدم بهم الرئيس السابق رغم أن المحكمة كانت قد استدعت بعضهم من تلقاء نفسها قبل أن تحول الحصانة الإجرائية المتمثلة في تعيينه ليطرح أكثر من استشكال حول مدى جدية هذه المسطرة واهتمام المحكمة بمآلاتها، وإلا فكيف للمحكمة رفض الاستماع لشهود النفي؟

 

إن المشرع وحرصا منه على حماية حقوق الأطراف حين يتطلب إظهار الحقيقة شهادة الوزراء أو أعضاء الحكومة ... الخ، نظم الطريقة التي يشهد بها هؤلاء والآلية التي يجيبون بها على الأسئلة، وهي الأسئلة التي يجب على المحكمة وقضاة التحقيق إحالتها إلى رئيس المحكمة العليا، المخول وحده السلطة التقديرية في إحالة الأسئلة بعد الاطلاع عليها والوقائع التي سيشهد عليها الوزراء وأعضاء الحكومة ... الخ، طبقا للمادة 587 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقول بالحرف:

 

إذا اقتضى الأمر الاستماع إلى شهادة وزير أو عضو آخر من الحكومة أو ممثل دولة أجنبية فإن قاضي التحقيق أو رئيس المحكمة المختصة يوجه إلى رئيس المحكمة العليا ملخصا عن الوقائع وقائمة الأسئلة التي تطلب الشهادة عليها.

 

إن عبارة إذا اقتضى الأمر التي استهلت بها المادة 587 من ق إ ج كشرط لتوجيه ملخص عن الوقائع وقائمة الأسئلة لا يمكن للمحكمة ولا للنيابة التراجع عن توفرها بعد أن كانت نفس المحكمة قد وجهت عبر نفس النيابة استدعاء في وقت سابق للسيد المختار اجاي من أجل تقديم شهادته بعد أن اقتنعت المحكمة بضرورة شهادته في القضية، لكن تعيين السيد المختار اجاي في منصب الوزير مدير ديوان رئيس الجمهورية حال دون إمكانية حضوره وتحول مركزه من شاهد عادي إلى مركز شاهد عضو من أعضاء الحكومة تنطبق على شهادته المادة 587 وما بعدها من ق إ ج، وهو ما كان على المحكمة أخذه بعين الاعتبار وإحالة الملخص الذي تقدمنا به عن الوقائع وقائمة الأسئلة إلى السيد رئيس المحكمة العليا.

 

إن رئيس المحكمة العليا هو وحده الذي يملك السلطة التقديرية في إحالة الأوراق إلى وزير العدل كما جاء في المادة 588 من ق إ ج التي تقول:

 

إذا رأى رئيس المحكمة العليا أن هذا الإدلاء ضروري يحيل الأوراق إلى وزير العدل، إذا كان الأمر يعني وزيرا أو عضوا آخر في الحكومة، وإلى وزير الخارجية إذا تعلق الأمر بممثل دولة أجنبية.

 

إن إحالة الأوراق إلى وزير العدل أو الخارجية لا يعني بشكل تلقائي إمكانية الاستماع شهادة الوزراء ... الخ وإنما يفترض قبل ذلك أن يؤذن لهم في مجلس الوزراء طبقا للمادة 589 من ق إ ج التي تقول:

 

يؤذن بالاستماع إلى شهادة وزير أو عضو آخر من الحكومة في مجلس الوزراء بناء على تقرير من وزير العدل.

 

إذا أذن للشخص الذي طلبت شهادته بالإدلاء بها فإنه يجيب كتابة على كل واحد من الأسئلة التي وجهت إليه. ويوصل أجوبته إلى رئيس المحكمة العليا بواسطة وزير العدل.

 

إن الشهادات المتحصل عليها طبقا لهذه المسطرة تتم إحالتها إلى القاضي الذي طلبها وتصبح بذلك جزءا من عناصر الملف على أن تكون موضوع مداولات بعد قراءتها علنيا أمام المحكمة كما تنص المادة 591 من ق إ ج بقولها:

 

تحال الشهادات المحصول عليها طبقا للمواد من 587 إلى 590 إلى القاضي الذي طلبها وتلحق بالملف. أما أمام محاكم الحكم فتقرأ علنيا وتكون موضوع مداولات.

 

إن هذه المسطرة مسطرة خاصة ومحطاتها واضحة وليس للمحكمة أي دور فيها إلا كونها هي بوابة توجيه الوقائع والأسئلة إلى رئيس المحكمة العليا دون أن يكون لها دور في رفض توجيه الوقائع والأسئلة إلى المحكمة العليا.

 

وإذا افترضنا جدلا صحة احتجاج المحكمة بما ورد في بداية المادة 587 من ق إ ج بقولها (إذا اقتضى الأمر) فإن الأمر يقتضي فعلا الاستماع إلى شهادة بعض الوزراء وأعضاء الحكومة من وجهة نظر موكلنا عموما ومن وجهة نظر المحكمة فيما يخص معالي الوزير المختار اجاي الذي سبق لها وأن استدعته من اجل تقديم شهادته لكن تعيينه وزيرا مديرا لديوان رئيس الجمهورية حال دون إمكانية تقديم شهادته بالطرق التقليدية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

إن الوقائع محل التهم لا يمكن للمحكمة ولا لغيرها معرفة حقيقة كنهها دون الاستماع لأقوال الفاعلين الرئيسيين فيها فمثلا:

 

إن التهم المتعلقة بصفقة الجهد العالي لمد أسلاك الكهرباء بين نواكشوط ونواذيبو لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى أقوال مترجم لقاء الرئيس السابق مع ممثلي الشركة الهندية، وأقوال وزير الطاقة وقتها الذي اعترف في بعض محطات التحقيق بأنه هو من تولى التفاوض مع الشركة الهندية، وهما الشاهدان اللذان رفضت محكمتكم الموقرة إحالة الوقائع والأسئلة إليهما للإجابة عليها.

 

إن التهم المتعلقة ببناء مطار نواكشوط أم التونسي لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى أقوال وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية وقتها، وهو الشاهد الذي رفضت محكمتكم الموقرة إحالة الوقائع والأسئلة إليه للإجابة عليها.

 

إن تهمة تبديد ممتلكات الدولة العقارية لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى رئيس لجان البيع بالمزادات العلنية، وهو الشاهد الذي رفضت محكمتكم الموقرة إحالة الوقائع والأسئلة إليه للإجابة عليها.

 

إن تهمة تبديد ممتلكات الدولة النقدية (شركة الطيران) لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى عضو مجلس إدارة هذه الشركة وهو الشاهد الذي رفضت محكمتكم الموقرة إحالة الوقائع والأسئلة إليه للإجابة عليها.

 

إن التهم المتعلقة بدمج شر كة A T T M  ومؤسسة أنير لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى أقوال أعضاء اللجنة التي أشرفت على دراسة إمكانية الدمج والتي في النهاية هي من أشارت لضرورة قيامه.

 

إن التهم المتعلقة بتبليط بعض الساحات والشوارع ... الخ، لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى أقوال وزيرة التجهيز وقتها.

 

إن التهم المتعلقة بشراء الأعلاف، لا يمكن الوقوف على حقيقتها قبل الاستماع إلى أقوال وزير البيطرة ومفوض الأمن الغذائي وقتها.

 

وبصفة عامة إن التهم المتعلقة بالقرارات الكبرى وخصوصا في مجال البنية التحتية والكهرباء والعقار والقرارات المتخذة في الظروف الاستعجالية لا يمكن الوقوف على حقيقتها في ظل غياب القائمين على هذه المشاريع وخصوصا وزراء الشؤون الاقتصادية والمالية.

 

11) اقتصار المحكمة على يومين من الأسبوع (اقترحنا مع بعض الزملاء نقل المحاكمة إلى مكان آخر من أجل تسريع إجراءات المحاكمة فقرة من تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان).

 

12) تعليق جلسات المحكمة مع الإبقاء على المتهمين قيد الحبس.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لم يشر قانون الإجراءات الجنائية إلى إمكانية تعليق الدورات الجنائية حرصا من المشرع على ضرورة تسريع المحاكمات خصوصا القضايا الجاهزة، ولكن المشرع أجاز تأجيل القضايا غير الجاهزة إلى دورة لاحقة كما نصت على ذلك المادتان 268 و313 من قانون الإجراءات الجنائية.

 

المادة 268

 

للرئيس، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من النيابة العامة، أن يأمر بتأجيل القضايا المدرجة في جدول الدورة التي يظهر له أنها غير جاهزة للحكم إلى دورة لاحقة.

 

المادة 313

 

للمحكمة الجنائية أن تأمر من تلقاء نفسها أو بطلب من النيابة العامة أو أحد الأطراف بتأجيل القضية إلى دورة مقبلة مهما كانت الحالة التي هي عليها.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

في هذا الإطار نحيلكم إلى تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 15\08\2023 والذي ورد فيه:

 

لقد بدأت المحاكمة منذ سبعة أشهر وما زالت مستمرة بوتيرة بطيئة للغاية وهي يومان في الأسبوع، كما توقفت لفترات طويلة، بعضها له ما يبرره (الآجال الزمنية للطعون) والبعض الآخر دون ذلك في وجاهة المبررات (أيام العطل وسفر القضاة).

 

إن من بين شروط المحاكمة العادلة، التي تعد حقًا من حقوق الإنسان، حق الفرد في أن يتم الاستماع إلى قضيته بشكل عادل وعلني وفي غضون فترة زمنية معقولة من قبل محكمة مستقلة ومحايدة (تعتبر الآجال الزمنية عنصرا أساسيا في المعايير الدولية للحق في محاكمة عادلة حيث نصت المعايير الدولية على أن تتم “في غضون فترة زمنية معقولة” كما يستخدمون مصطلح السرعة).

 

تتمثل المبادئ التوجيهية للمحاكمة العادلة، والتي هي حق من حقوق الإنسان، فيما يلي:

 

–    الاستقلال

 

–    الحياد

 

–    العلنية

 

–    السرعة.

 

 

 

تؤخذ الفترة الزمنية في الاعتبار وهي مؤصلة في قواعد نيلسون مانديلا (قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء). تتأسس هذه القواعد على واجب معاملة كلُّ السجناءِ بالاحترام الواجب لكرامتهم وقيمتهم المتأصِّلة كبشر، وبحسب هذه القواعد يجب أن يتمتع أي شخص حرم من حريته من الحق في أن يتم الاستماع له في أقرب أجل من طرف قاض مستقل تحت طائلة انتهاك حقوق الإنسان.

 

 

 

إن الغرض من الضمان المتعلق بالسرعة هو حماية المتقاضين من التأخير المفرط في الإجراءات، ومن المتأكد أهمية أن تقام العدالة دون تأخير يحتمل أن يمس من فعاليتها ومصداقيتها. ويهدف هذا الإلزام إلى ضمان أن يتم إنهاء حالة عدم اليقين التي يجد فيها الشخص نفسه فيما يتعلق بالتهمة الجنائية الموجهة ضده في غضون فترة زمنية معقولة وعن طريق قرار من المحكمة. وبالتالي فإن هذا الضمان يخدم كلاً من مصلحة الشخص المعني ومبدأ الأمان القانوني.

 

يجب التذكير أن الآجال الزمنية لا تتوقف عن السريان حتى إغلاق الإجراء أمام أعلى درجة من التقاضي عندما يصبح قرار العدالة نهائيًا (أي بعد الاستئناف والطعن بالنقض).

 

إن الدولة مسؤولة بالتأكيد عن جميع التأخيرات التي تسببت بها مصالحها الإدارية أو القضائية، إلا أن مبدأ الإدارة السليمة للعدالة، أي التزام المحاكم الوطنية بمعالجة القضايا المعروضة عليها في غضون فترة زمنية معقولة، غير معاقب عليه في موريتانيا.

 

إن الشخص المعتقل احتياطيا لسنوات يتحمل وحده، عند تبرئته، معاناة ومخلفات الاعتقال إذا تقرر أن الاعتقال غير مبرر بعد تبرئته باعتبار أن التعويض غير منصوص عليه في القانون الموريتاني.

 

وفي بعض البلدان، يمكن للضحايا الحصول على تعويض من الدولة في حالة التبرئة للتعويض عن الحبس الاحتياطي أو الطول المفرط للمحاكمة.

 

 

 

تأخذ اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان علما بالضرورات التي ذكرتها المحكمة فيما يتعلق بتوفر قاعات المحاكمة في معرض تبريرها لعقد جلسات المحاكمة خلال يومين من الأسبوع فقط، لكن اللجنة مع ذلك ترى أنه لا يوجد ما يمنع المحكمة، كونها علاوة على ذلك، محكمة مستقلة، من استخدام أماكن أخرى لعقد جلسات المحاكمة والمضي قدما في نقل موقع المحاكمة من أجل الالتزام بالمتطلبات القانونية للسرعة.

 

تدعو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى التطبيق الدقيق لأحكام الدستور والقوانين والنصوص التنظيمية في هذه المحاكمة.

 

كما تدعو إلى احترام مبادئ المحاكمة العادلة وتكافؤ وسائل الدفاع بين الادعاء والدفاع، الذي يشكل بشكل عام الضمان الحقيقي لمحاكمة عادلة.

 

– لكلِّ إنسان الحقُّ في أن تَنظر قضيتَه نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا وفي أجل معقول أمام محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، مؤسسة بالقانون، للفصل في حقوقه والتزاماته ذات الطابع المدني وفى أيَّة تهمة جنائية تُوجَّه إليه.

 

– كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا.

 

– لكل شخص متهم الحق في إبلاغه في أقرب الآجال، وبلغة يفهمها، وبشكل مفصل، بطبيعة التهم الموجهة إليه وسببها.

 

– الحصول على الوقت والوسائل الضرورية للدفاع.

 

– الدفاع بنفسه أو بمساعدة مدافع يختاره، وفي حال عدم توفره على الوسائل اللازمة لتعويض من يدافع عنه، الحصول على مساعدة مجانية بشكل تلقائي من محام إذا اقتضتها مصلحة العدالة.

 

– استجواب شهود الإثبات والحصول على استدعاء واستجواب شهود النفي في نفس ظروف شهود الإثبات.

 

– الاستعانة بمترجم مجانا في حال عدم فهمه أو عدم تحدثه باللغة المستخدمة في الجلسة.

 

13) سماح المحكمة بالاستظهار بصور ووثائق من خارج وثائق الملف.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن سماح المحكمة بالاستظهار بصور ووثائق من خارج وثائق الملف ولا علاقة لها به دون أن تكلف المحكمة نفسها عناء البحث عن مدى صحة هذه الصور والوثائق، مثل السماح لبعض المحامين بالإدلاء بمعلومات حصل عليها من خلال وجوده في ملفات أخرى ليست معروضة أمام المحكمة، خلافا لصريح 445 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني والتي تقول حرفيا:

 

لا يجوز لمن علم من المحامين أو الوكلاء أو الأطباء أو غيرهم من طريق مهنته أو صنعته بواقعة أو بمعلومات أن يفشيها ولو بعد انتهاء خدمته ...

 

ومن الأمثلة على ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

 

أ) إدلاء الأستاذ المامي أبابا بمعلومات عن ضمان شركة كالباتارو لشركة سوملك، وهي المعلومات التي جاء بها من خارج وثائق الملف.

 

ب) إدلاء الأستاذ عبد الله إكاه بصور شاحنات يدعي أنها للحرس الرئاسي، ورسالة موجهة من شركة سوملك إلى بنك موريتانيا العام في إطار إنهاء العلاقة معه.

 

ج) إدلاء النقيب ابراهيم أبتي بمعلومات - قد تكون محمية بموجب السر المهني - حصل عليها حين كان يمثل السيد محمد الأمين الببات (أحد المتهمين) صاحب شركة I P R واستظهاره ببطاقات مصرفية مجهولة المصدر وقراءته للائحة شركات دون ذكر أسماء المساهمين فيها أو مسييريها محاولا إيهام الرأي العام أنها من أملاك الرئيس السابق رغم معرفة المحكمة بأن هذه الشركات لا تمت بصلة للرئيس السابق حسب نظمها الأساسية المسجلة عند موثقي العقود الرسميين والتي لم يطعن في أي منها.

 

14) عدم سماح المحكمة بنقاش ما ترتب على قرار المجلس الدستوري عدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

قبل تجاوز هذه الملاحظة أود أن تسمح لي المحكمة الموقرة بأن أطرح السؤالين التاليين:

 

لماذا توقف المحكمة إجراءاتها في انتظار بت المجلس الدستوري إذا لم تكن سترتب أثرا على قرار المجلس الدستوري بعد دستورية نص معين؟

 

ما هو الأثر المترتب على قرارات المحاكم الدستورية بعدم دستورية بعض أو كل النصوص؟

 

 

 

الجواب:

 

إن قرارات المجلس الدستوري ملزمة للسلطات العمومية وجميع السلطات الإدارية والقضائية، كما نصت على ذلك المادة 87 من دستور 20 يوليو 1991 بقولها:

 

لا يصدر أو ينفذ حكم أقر المجلس الدستوري عدم دستوريته.

 

تتمتع قرارات المجلس الدستوري بسلطة الشيء المقضي به.

 

لا يقبل أي طعن في قرارات المجلس الدستوري، وهي ملزمة للسلطات العمومية وجميع السلطات الإدارية والقضائية.

 

إن محكمتكم رفضت الدفع الذي تقدم بها دفاع الرئيس السابق في قرارها رقم 0004\2023 الصادر بتاريخ 20\03\2023 وهو الدفع المؤسس على قرار المجلس الدستوري رقم 007\2023 الصادر بتاريخ 06\03\2023 القاضي بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد.

 

لقد جاء في قرار محكمتكم ما يلي:

 

حيث إن المحاكم الجنائية لا تملك سلطة التصريح ببطلان الإجراءات، نظرا لاعتبارات إجرائية أقرها القانون وأعطى الاختصاص فيها لمحاكم أخرى.

 

إن الحيثية التي بررت بها محكمتكم رفض دفع الرئيس السابق لا تنسجم وقرارها التوقف في انتظار بت المجلس الدستوري في الطعن بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد، وإلا فلماذا أوقفت المحكمة الإجراءات ما دامت لا يمكنها أن تنفذ ما يترتب على عدم الدستورية؟

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

حين يلجأ أي متهم للدفع بعدم دستورية نص قانوني فإنه يتوخى من الجهة المطعون أمامها أن تلغي النص لكي يستفيد من عدم تطبيقه عليه، وحين ترفض هذه الجهة طعنه فإنه يبقى خاضعا لنفس النص وتستمر الإجراءات المؤسسة على النص المطعون بعدم دستوريته في حق المتهم الطاعن، أما حين يكسب المتهم الطاعن الطعن بعدم دستورية النص فإن النص في حقه يعتبر كأن لم يكن، بحيث إنه لا يمكن للنيابة العامة ولا للمحكمة مواجهته بما ترتب على هذا النص.

 

لقد ورد في قرار المجلس الدستوري الموريتاني رقم 007\2023 م.د الصادر بتاريخ 06\03\2023 ما نصه:

 

حيث إن المادة 90 من الدستور تنص على ضرورة حماية القاضي من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه، وبما أن استفادة هيئات التحقيق والحكم من الأموال المستردة من شأنه أن يمس من حماية القاضي في نطاق مهمته، فإن تخصيص جزء من الأموال لهيئات التحقيق والحكم يخالف مقتضيات المادة 90 من الدستور.

 

وبقراءة نص قرار المجلس الدستوري سنجد أنه اعتبر بقبوله الطعن بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد أن التحقيق في ملف العشرية جاء باطلا بطلانا مطلقا، لأنه تم تحت ضغط استفادة هيئات التحقيق والحكم من تخصيص جزء من الأموال المستردة، وأن ذلك يمس نزاهة قرارات هذه الهيئات.

 

إن أعمال قطب التحقيق وغرفة الاتهام والغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا ومحكمتكم الموقرة كل أعمال هذه الهيئات حصلت في وجود المادة 47 من قانون مكافحة الفساد، وهو ما يفرض على محكمتكم الموقرة بناء على قرار المجلس الدستوري التوقف عن متابعة المسطرة لبطلان ما تم منها في ظل المادة 47 من قانون مكافحة الفساد، وإلا فما هي الفائدة المتوخاة من قبول الطعن بعدم الدستورية إذا لم يستفد منه الطاعن؟.

 

إن من اعتبر قرار المجلس الدستوري أعلاه استفادتهم من الأموال المستردة من شأنه أن يمس من حمايتهم في نطاق مهمتهم، لا تتوفر فيهم الصفة الشرعية المطلوبة في الفقرة الثانية من المادة 13 من دستور 20 يوليو 1991 التي تقول:

 

يعتبر كل شخص بريئا حتى تثبت إدانته من قبل هيئة قضائية شرعية.

 

كما أن جميع القرارات المتخذة في ظل المادة 47 من قانون مكافحة الفساد لا تتوفر في مصدريها الشروط المطلوبة في المادة 90 من دستور 20 يوليو 1991 التي تقول:

 

لا يخضع القاضي إلا للقانون.

 

وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن آثار الطعن بعدم دستورية أي نص قانوني في المجال الجزائي تسري بأثر رجعي حتى ولو كان صدر بناء على النص الملغى حكم نهائي بات في الأصل، وذلك لسبب بسيط وهو أن النص الذي وصف بأنه غير دستوري يعتبر كأن لم يكن، ولا تمكن مواجهة المتهم بما ترتب عليه.

 

وفي المجال الجنائي نلاحظ أن مبدأ سريان قرارات عدم دستورية القوانين بأثر رجعي هو مبدأ راسخ ويجد تأسيسه على مبدإ شرعية الجرائم والعقوبات ومبدأ القانون الأصلح للمتهم، فلو لم يكن للقرار بعدم الدستورية أثر رجعي، لأصبح القاضي ( الذي توقف عن متابعة الإجراءات في انتظار رأي المجلس الدستوري ) ملزما بتطبيق ذات القانون بعد القضاء بعدم دستوريته، وهو ما يأباه المنطق القانوني السليم ويتنافى مع الغرض المتوخى من الدفع بعدم الدستورية، ولا يحقق لمبدإ الدفع بعدم الدستورية أية فائدة عملية، مما يجعل الحق في التقاضي بالنسبة للمسألة الدستورية غير مجد ومجرداً من مضمونه.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

لتوضيح ما يترتب على الحكم بعدم الدستورية وكون الحكم بعدم الدستورية يسري بأثر رجعي لا بد أن نعرج على بعض الأنظمة القانونية المشابهة لنظامنا وخصوصا النظام المصري لنجد أن الفقرة الرابعة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر أكدت على الرجعية الكاملة بالنسبة للأحكام الصادرة بعدم دستورية النصوص الجنائية، وبينت هذه الفقرة الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية النص الجنائي، فذهبت إلى إهدار حجية الأحكام الصادرة بالإدانة، واعتبارها كأن لم تكن، حتى ولو كانت باتة.

 

إن الأثر الرجعي الوارد بالفقرة الرابعة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر، يطبق بصفة مطلقة، حتى ولو كانت الأحكام الصادرة بالإدانة أحكاماً باتة، وفى هذا انحياز كامل للشرعية والحرية الشخصية، وهو ما يتطلب إيراد أمثلة من القرارات القضائية المصرية بصفتنا نشترك معهم في البيئة القانونية ولكي لا نطيل على المحكمة سنكتفي باستعراض الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في مصر في موضوع الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

سنورد فقرات من الحكم الصادر في هذه الدعوى اختزالا للوقت وتفاديا للتطويل.

 

الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية المحكمة الدستورية العليا (دستورية)

 

مبادئ الحكم

 

مبدأ سيادة الدستور

 

إن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسى القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عليه صفة السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده أن تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعها وفي قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، ودون أي تفرقة أو تمييز - في مجال الالتزام بها - بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ذلك أن هذه السلطات كلها سلطات مؤسسة أنشأها الدستور، تستمد منه وجودها وكيانها وهو المرجع في تحديد وظائفها، ومن ثم تعتبر جميعها أمام الدستور على درجة سواء، وتقف كل منها مع الأخرى على قدم المساواة، قائمة بوظيفتها الدستورية متعاونة فيما بينها في الحدود المقررة لذلك، خاضعة لأحكام الدستور الذي له وحده الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات العامة جميعاً والدولة في ذلك إنما تلتزم أصلاً من أصول الحكم الديمقراطي، هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستور، وهو ما حرص الدستور القائم على تقريره بالنص في المادة 64 منه على أن  ( سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ) وفي المادة 65 منه على أن ( تخضع الدولة للقانون...) ولا ريب في أن المقصود بالقانون في هذا الشأن هو القانون بمعناه الموضوعي الأعم الذي يشمل كل قاعدة عامة مجردة أيا كان مصدرها ويأتي على رأسها وفي الصدارة منها الدستور بوصفه أعلى القوانين وأسماها، وإذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقرراً وحكماً لازماً لكل نظام ديمقراطي سليم، فإنه يكون لزاماً على كل سلطة عامة أيا كان شأنها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضع - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح بغية الحفاظ على أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها.

 

 

 

مبدأ الحماية الدستورية للحريات والحقوق العامة

 

إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على تقرير الحريات والحقوق العامة في صلبها قصداً من الشارع الدستوري أن يكون النص عليها في الدستور قيداً على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام وفي حدود ما أراده الدستور لكل منها من حيث إطلاقها أو جواز تنظيمها تشريعياً فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، بأن قيد حرية أو حقاً ورد في الدستور مطلقاً أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستورياً، وقع عمله التشريعي مشوباً بعيب مخالفة الدستور.

 

 

 

مبدأ المساواة وصور التمييز المحظورة دستوريا

 

إن الدستور القائم قد أفرد الباب الثالث منه ( للحريات والحقوق والواجبات العامة ) وصدر هذا الباب بالنص في المادة 40 منه على أن ( المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة) فكان الحق في المساواة أمام القانون هو أول ما نص عليه الدستور في الباب الخاص بالحريات والحقوق العامة، وجاء في الصدارة منها باعتبار أن هذا الحق هو أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ في جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحريات والحقوق العامة المنصوص عليها في الدستور، بل ينسحب مجال أعمالها إلى الحقوق التي يقررها القانون العادي ويكون مصدراً لها، ولئن نص الدستور في المادة 40 منه على حظر التمييز بين المواطنين في أحوال بينتها وهي التي يقوم التمييز فيها على أساس من الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، إلا أن إيراد الدستور لصور بعينها يكون التمييز محظوراً فيها، مرده إلى أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية ولا يدل بالتالي على انحصاره فيها دون غيرها، إذ لو قيل بأن التمييز المحظور دستورياً لا يقوم إلا في الأحوال التي بينتها المادة 40 المشار إليها، لكان التمييز فيما عداها غير مناقض الدستور، وهو نظر لا يستقيم مع المساواة التي كفلها ويتناقض مع الغاية المقصودة من إرسائها، يؤيد ذلك أن من صور التمييز التي لم تصرح المادة المذكورة بالإشارة إليها ما لا تقل في أهميتها وخطورة الآثار المترتبة عليها عن تلك التي عنيت بإبرازها كالتمييز بين المواطنين في مجال الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور لاعتبار يتعلق بالمولد أو المركز الاجتماعي أو الانتماء الطبقي أو الانحياز لرأي بذاته سياسياً كان هذا الرأي أو غير سياسي، مما يؤكد أن ألوان التمييز على اختلافها التي تتناقض في محتواها مع مبدأ المساواة وتهدر الأساس الذي يقوم عليه إنما يتحتم إخضاعها جميعاً لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة قضائية لضمان احترام مبدأ المساواة في جميع مجالات تطبيقه، وبديهي أن المساواة المنصوص عليها في المادة 40 من الدستور لا تعني أنها مساواة فعلية يتساوى بها المواطنون في الحريات والحقوق أيا كانت مراكزهم القانونية، بل هي مساواة قانونية رهينة بشروطها الموضوعية التي ترتد في أساسها إلى طبيعة الحق الذي يكون محلاً لها وما تقتضيه ممارسته من متطلبات، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث إذا توافرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية، وإن اختلفت هذه المراكز بأن توافرت في البعض دون البعض الآخر انتفى مناط التسوية بينهم.

 

 

 

مبدأ الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية

 

إن الأصل في الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة، إذ هي لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعاً لم تكن موجودة من قبل، بل هي تكشف عن حكم الدستور أو القانون في المنازعات المطروحة على القضاء وترده إلى مفهومه الصحيح الذي يلازمه منذ صدوره الأمر الذي يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعي كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، بياناً لوجه الصواب في دستورية النص التشريعي المطعون عليه منذ صدوره، وما إذا كان هذا النص قد جاء موافقاً للدستور وفي حدوده المقررة شكلاً وموضوعاً، فتتأكد للنص شرعيته الدستورية ويستمر نفاذه، أم أنه صدر متعارضا مع الدستور فينسلخ عنه وصفه وتنعدم قيمته بأثر ينسحب إلى يوم صدوره، وفضلاً عن ذلك فإن المشرع حين أجاز في قانون المحكمة الدستورية العليا إثارة المسألة الدستورية أثناء نظر إحدى الدعاوى أمام أي من جهات القضاء، أما من تلقاء نفسها أو بطريق الدفع من أحد الخصوم، وأوجب على الجهة القضائية - عند - الشك في عدم الدستورية - وقف الدعوى أو تأجيلها انتظارا لحكم المحكمة الدستورية العليا بالفصل في المسألة المثارة، إنما كان يبغى بذلك تحقيق فائدة للخصم في المنازعات الموضوعية التي أثير فيها الدفع الدستوري فيما لو قضى بعدم الدستورية وهي منازعات تدور كلها حول علاقات وأوضاع سابقة بالضرورة على الحكم بعدم الدستورية، فإذا لم يكن لهذا الحكم أثر رجعي، لأصبح لزاماً على قاضى الموضوع - الذي أرجأ تطبيق القانون حين ساوره الشك في عدم دستوريته - أن يطبق ذات القانون بعد القضاء بعدم دستوريته مما يأباه المنطق القانوني السليم ويتنافى مع الغرض المرتجى من الدفع بعدم الدستورية ولا يحقق لمبدإ الدفع أية فائدة عملية، مما يجعل الحق في التقاضي - وهو من الحقوق العامة التي كفلها الدستور في المادة 68 منه للناس كافة – بالنسبة للمسألة الدستورية غير مجد ومجرداً من مضمونه، الأمر الذي ينبغي تنزيه المشرع عن قصد التردي فيه، وبالإضافة إلى ذلك فإن النص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا على عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم الدستورية، وهو خطاب تشريعي موجه لجميع سلطات الدولة وللكافة للعمل بمقتضاه، ولما كان قاضي الموضوع هو من بين المخاطبين بهذا النص التشريعي فإنه يكون متعيناً عليه عملاً بهذا النص ألا ينزل حكم القانون المقضي بعدم دستوريته على المنازعات المطروحة عليه من قبل، وذلك يؤكد قصد المشرع في تقرير الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية ويؤيد انسحابه على ما سبقه من علاقات وأوضاع نشأت في ظل القانون الذي قضى بعدم دستوريته، وقد أعملت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا هذه الرجعية على إطلاقها بالنسبة للنصوص الجنائية إلى حد إسقاط حجية الأمر المقضي لتعلقها بالإدانة في أمور تمس الحريات الشخصية، فنصت على أنه (فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي، تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن...)، أما في المسائل الأخرى - غير الجنائية – فيسرى عليها كذلك الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية على ما سلف بيانه، ما لم يكن للعلاقات والأوضاع السابقة عليه أساس قانوني آخر ترتكن إليه ويحد من إطلاقه الرجعية عليها، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا في تعليقها على نص المادة 49 منه، حيث جاء بها أن القانون  ( تناول أثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، وهو نص ورد في بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم، أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي فإن جميع الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن ولو كانت أحكاماً باتة ) وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة بحكمها الصادر في الدعوى الدستورية رقم 16 لسنة 3 قضائية بتاريخ 5 يونيه سنة 1982 وحكمها الصادر في الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 3 قضائية بتاريخ 11 يونيه سنة 1983.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

يتضح مما سبق أن المحكمة ملزمة بتنفيذ ما يترتب على قرارات المجلس الدستوري القاضية بعدم دستورية القوانين وه ما يعني تلقائيا بطلان كل ما صدر في ظل النص المقضى بعدم دستوريته، أي كل الأوامر والقرارات الصادرة في هذه القضية قبل قرار المجلس الدستوري رقم 007\2023 القاضي بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد.

 

 

 

المحور الثاني: المبادئ المتفق عليها لتوفر المحاكمة العادلة

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

هناك بعض المسلمات التي هي محل اتفاق بين المختصين والتي يجب على جميع الأطراف الركون إليها انطلاقا من قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ومن هذه المسلمات على سبيل المثال لا الحصر:

 

أ) عدم رجعية القانون

 

انطلاقا من المادة 2 من قانون الالتزامات والعقود، بمعنى أن القوانين تسري على المستقبل دون الماضي، وبالتالي استبعاد النصوص الصادرة بعد ارتكاب الوقائع محل المتابعة مثل قانون مكافحة الفساد وقانون مكافحة غسل الأموال الصادرين على التوالي 2016 و2019 والمراد تطبيقهما هنا على وقائع حدثت ما بين سنتي 2009 و2015).

 

ب) مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات

 

(انطلاقا من قوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، والمادة 4 من القانون الجنائي).

 

ج) لا اجتهاد مع وجود نص (أي انه في حالة وجود نص فلا إمكانية لاجتهاد ولا قياس).

 

د) الشك يفسر لصالح المتهم (المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية).

 

هـ) القانون هو التعبير الأعلى عن إرادة الشعب ويجب أن يخضع له الجميع (المادة 4 من دستور 20 يوليو 1991).

 

و) تربع الدستور على عرش الهرم التشريعي (يخضع بموجبه النص الأدنى وجوبا للنص الأعلى المادة 80 من دستور 20 يوليو 1991).

 

 

 

ز) مبدأ الفصل بين السلطات، المادة 89 من الدستور: السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

 

ح) استصحاب قرينة البراءة

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن القانون الجنائي وإن اتفق مع غيره من القوانين في تنظيم العلاقة بين الأفراد سواء فيما بينهم أو من خلال روابطهم مع مجتمعهم، إلا أن القانون الجنائي يخالف غيره في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم العلاقة بين الأفراد.

 

إن الأصل في كل اتهام أن يكون جادا، ولا يتصور أن يكون الاتهام مضطربا تنجرف إليه النيابة العامة بتسرعها أو تفريطها؛ ولأنه من البديهي أن الاتهام بالجريمة ليس قرين ثبوتها، ولا يركن إليه للتدليل على وقوعها.

 

إن الاتهام ولو قام على أسباب ترجح معها إدانة المتهم عن الجريمة، لا يزيد عن مجرد شبهة لم تفصل فيها محكمة الموضوع بقضاء جازم لا رجعة فيه سواء بإثباتها أو نفيها.

 

إن القواعد المبدئية التي تقوم عليها المحاكمة العادلة التي تطلبها الدستور تقتضي أن أصل البراءة يندرج تحت هذه القواعد باعتباره قاعدة أولية توجبها الفطرة التي جبل الإنسان عليها، وتقتضيها الشرعية الإجرائية، ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية في مجالاتها الحيوية.

 

إن افتراض البراءة لا يقتصر على الحالة التي يوجد الشخص فيها عند ميلاده، بل يمتد إلي مراحل حياته حتى نهايتها، ليقارن الأفعال التي يأتيها، فلا ينفصل عنها باتهام جنائي أيا كان وزن الأدلة التي يؤسس عليها.

 

إن افتراض البراءة يمثل أصلا ثابتا يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها، وليس بنوع العقوبة المقررة لها؛ ويظل هذا الأصل كامنا في كل فرد سواء أكان مشتبها فيه أم متهما باعتباره قاعدة جوهرية أقرتها الشرائع جميعها - لا لتكفل بموجبها الحماية للمذنبين - ولكن لتحقق بموجبها أصلا شرعيا مؤداه أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة التي يتعين درؤها عن كل فرد تكون التهمة الموجهة إليه مشكوكا فيها أو مبناها أدلة لا يجوز قبولها قانونا.

 

إن الاتهام الجنائي - وعلى ضوء ما تقدم - لا يزحزح أصل البراءة ولا ينقض محتواه، بل يظل هذا الأصل مهيمنا على الدعوى الجنائية، بل قائما قبل تحريكها، ومنبسطا على امتداد مراحلها وأيا كان زمن الفصل فيها.

 

ط ) وجوب خضوع النصوص للدستور

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

لكي نفهم علوية الدستور على النصوص العادية لا بد أن نقدم نبذة عن الدساتير وأنواعها ونتناول شكل نظام الحكم في موريتانيا الذي هو نظام شبه رئاسي ثم نتحدث عن الحصانة الإجرائية والموضوعية لرئيس الجمهورية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

يجب أن نميز بين أنواع الدساتير لنجد أن منها ما هو جامد وما هو مرن وما هو عرفي وما هو مكتوب ولكل من هذه الدساتير مميزاته وخصوصياته كما أن لكل نوع من هذه الدساتير حاضنة تتمثل في دول وثقافات يناسب بعضها ما لا يتناسب مع خلفية وثقافة وتاريخ البعض الآخر.

 

ولأن نظرية العقد الاجتماعي التي توصل لها أغلب الفلاسفة والمفكرين كأساس للعلاقة بين الأفراد فيما بينهم من جهة، وعلاقة هؤلاء الأفراد مع الدولة من جهة أخرى تقوم على فرضية وجود عقد اجتماعي يتحتم بموجبه أن يكون شريعة للمتعاقدين، فقد أخضعت أغلب شعوب الأرض علاقاتها إلى مجموعة من القواعد منها ما هو عرفي مرن بريطانيا مثلا، ومنها ما هو مكتوب وجامد، مثال ذلك فرنسا الجمهورية الخامسة.

 

وبغض النظر عن مكانة رأس الدولة في هذا الدستور أو ذاك ملكا كان أو أميرا أو سلطانا أو دوقا أو رئيسا وسواء كان رأس الدولة يسود ولا يحكم كما هو الحال في الدول التي تعتمد نظام الحكم المتمثل في الملكية الدستورية، والدول التي تعتمد النظام البرلماني كأسلوب في الحكم، أو الدول التي يسود فيها رأس الدولة ويحكم كما هو الحال في فرنسا في ظل دستور 1958 وموريتانيا في ظل دستور 20 يوليو 1991 فإن رأس الدولة في جميع الدول ظلت له مكانته الخاصة والتي يؤسسها بعض شعوب الدول على ما هو ديني أو تاريخي.

 

ونظرا لأن فرنسا تعرضت لأزمات بسبب تقوية المجالس النيابية في الدساتير السابقة وصلت إلى ظاهرة عدم الاستقرار الحكومي فقد عملت على كتابة دستور جديد سنة 1958 وهو الدستور الذي أنشأ نظام حكم جديد لم يكن مألوفا يومها كأسلوب من أنظمة الحكم المعروفة يومها (النظام البرلماني والنظام الرئاسي) وهذا النظام الذي أسس له دستور الجمهورية الخامسة في فرنسا سماه البعض النظام المختلط فيما يسميه البعض الآخر النظام شبه الرئاسي.

 

وقد منح الدستور الفرنسي الصادر سنة 1958 الأولوية والتفوق لمؤسسة رئاسة الجمهورية على حساب المؤسسة التشريعية، فقد أصبح رئيس الجمهورية الذي هو رأس الدولة يتمتع بسلطات واسعة تخوله أن يكون حكما بين السلطات، وتأكدت مكانة رئيس الجمهورية بعد تعديل الطريقة التي يتم بها انتخابه سنة 1962 إذ أصبح ينتخب بالاقتراع العام المباشر، كما أن هذا الدستور قلص صلاحيات البرلمان في المجال التشريعي ومنح رئيس الجمهورية حق حل الجمعية الوطنية.

 

لقد أجريت على هذا الدستور عدة تعديلات من أهمها تعديل 1962 الذي جعل انتخاب رئيس الجمهورية يتم بالاقتراع العام المباشر وتعديل سنة 2000 الذي خفض مدة الولاية الرئاسية من 7 إلى 5 سنوات، وإلغاء عضوية رئيس الجمهورية في المجلس الدستوري مدى الحياة.

 

لقد أدى إرساء هذا النظام في الدستور الفرنسي 1958 إلى إغناء التجارب الدستورية المكتوبة بشكل من الأنظمة السياسية جديد على أنظمة الحكم التقليدية فأصبح هو النموذج الأكثر إغراء للدول التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي فاستنسخت كل بنود هذا الدستور دون مراعاة لاختلاف الظروف والأهداف وهو ما ترك بونا شاسعا بين النصوص الدستورية والواقع السياسي والاجتماعي لهذه الدول.

 

ولأن أغلب دول شبه المنطقة تتأثر تأثرا مباشرا بالثقافة والتاريخ الفرنسيين فلم تكن موريتانيا بدعا من محيطها العربي والإفريقي وجاءت كما غيرها منذ استقلالها بعدة دساتير ومواثيق دستورية قاسمها المشترك والأساسي هو أنها مكتوبة.

 

وقد ظلت البلاد وفية لمبدإ كتابة دساتيرها ومواثيقها الدستورية حتى في ظل فترة الأحكام الاستثنائية وتجسد ذلك أساسا في دستور 20 يوليو 1991 وتعديلاته 2006 و2012 و2017 وهو الدستور الذي يعتبر في أغلبه نسخة طبق الأصل من الدستور الفرنسي الصادر سنة 1958 مع فارق في ترقيم المواد فقط، وجسدت أغلب هذه القواعد في نصوص آمرة سدا لذريعة تغول بعض السلطات على البعض الآخر.

 

لقد حافظ الدستور الموريتاني على علاقته العضوية بالدستور الفرنسي فكان متناغما مع فلسفته، فجميع سلطات رئيس الجمهورية في الدستور الموريتاني هي نفسها سلطات رئيس الجمهورية في الدستور الفرنسي والعلاقة بين السلط تنظم بنفس الأسلوب، والمسألة ربما الوحيدة في الدستور الفرنسي 1958 التي لم يعتمدها الدستور الموريتاني 1991 والمتعلقة بقدسية وحماية من شغل منصب رئيس الجمهورية في فرنسا بعد خروجه من السلطة هي نص الدستور الفرنسي على العضوية التلقائية لرؤساء الجمهورية مدى الحياة في المجلس الدستوري فور خروجهم من السلطة، استمرارا لحصانتهم الإجرائية من المساءلة عن الأفعال التي ارتكبوها قبل شغلهم لمنصب رئيس الجمهورية.

 

هذا النوع من الحماية للرؤساء السابقين لم يعتمده الدستور الموريتاني.

 

لقد استنسخ الدستور الموريتاني المادة 68 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 حرفيا وأوردها بفقرتيها الموضوعية والإجرائية تحت الرقم 93.

 

وبما أن الرئيس في الدستور الموريتاني يسود ويحكم على غرار الرئيس في الدستور الفرنسي فقد تقررت لرئيس الجمهورية حماية على الصعيدين الوطني والدولي وهذه الحماية هي التي يعبر عنها بالحصانة، والحصانة تنقسم إلى نوعين.

 

 

 

1) الحصانة الإجرائية

 

إن الحصانة الإجرائية هي امتياز منحه المشرع لبعض الأشخاص بحكم وظائفهم (رئيس الجمهورية، أعضاء الحكومة، أعضاء البرلمان، القضاة... الخ) أعفاهم بموجبها من إمكانية المساءلة عن الجرائم التي ارتكبوها، إلا بعد رفع هذه الحصانة، وهي مقررة من أجل المصلحة العامة وليس من أجل مصالح الأشخاص المتمتعين بها.

 

وقبل أن نتناول الحالة الموريتانية لا بأس بأن نعرج على بعض الدساتير العربية لنجد أن رأس الدولة في المغرب (ملك) يسود ويحكم على غرار رأس الدولة في موريتانيا، لكن رأس الدولة في المغرب (الملك) لا تمكن مساءلته ولا متابعته إطلاقا، في حين نلاحظ أن دساتير العراق ولبنان ومصر جميعها تمنح حصانة إجرائية لرؤسائها واتفقت جميع هذه الدساتير على قاعدة مؤداها إناطة اتهام رئيس الجمهورية ومحاكمته بالبرلمان سواء كان هذا البرلمان مؤلفا من غرفة واحدة أو غرفتين، وهنا قد يتحجج البعض بأن مصر والعراق حاكموا رؤساءهم السابقين أمام القضاء العادي وهذا قد يكون له حظ من المنطق قبل أن نعرف أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين حوكم في ظل الاحتلال وليس في ظل الدستور، في حين أن محاكمة الرئيسين السابقين لمصر محمد حسني مبارك و محمد مرسي تمت في غياب الدستور أصلا، نظرا لأن الأول منهما حوكم في ظل الثورة والثاني حوكم في عهد الانقلاب.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

لقد تحجج البعض في هذه القاعة بأن الرئيسين الفرنسيين السابقين جاك شيراك ونيكولا سركوزي تمت محاكمتهما بعد خروجهما من السلطة وهذا قياس مع وجود الفارق لأن متابعتهما تمت بعد تعديلات 2002 و2007 والوقائع المنسوبة لهما حصلت قبل وصول أي منهما للسلطة.

 

لكن ما فات على أصحاب هذا الاستنتاج هو أن الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكارديستان لم يحاكم بعد خروجه من السلطة لأنه ظل متمتعا بالحصانة الإجرائية والموضوعية التي منحته المادة 68 من دستور 1958 التي مارس السلطة في ظلها وهي الحصانة التي رافقته حتى آخر يوم من حياته في سنة 2020 لأنه ظل متمتعا بعضوية المجلس الدستوري الفرنسي مدى الحياة.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

لقد نص الدستور الموريتاني الصادر بتاريخ 20 يوليو 1991 على الحصانة الإجرائية الممنوحة لرئيس الجمهورية حين يرتكب جريمة الخيانة العظمى وذلك بشكل واضح وصريح ولا يقبل التأويل، فجاء في الفقرة الثانية من المادة 93 ما نصه: "لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية".

 

فهذه الفقرة تناولت الإجراءات التي يجب اتباعها وحددت سلطة الاتهام والطرق التي يتم بها (الجمعية الوطنية) وسلطة الحكم (محكمة العدل السامية) وهذا ما يميز حصانة رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان التي وردت في المادة 50 من الدستور عن غيرها من الحصانات الأخرى لأنها وردت في الدستور الذي لم يتركها للنصوص العادية نظرا لما يحمل ذلك من دلالات تصب في تكريس مبدإ الفصل بين السلطات.

 

 

 

2) الحصانة الموضوعية

 

تجد الحصانة الموضوعية أو ما يعرف بعدم مسؤولية رؤساء الدول أصلها في الكثير من النظريات فقد أسسها البعض على أساس ديني مفاده أن السلطان يمثل الإله على الأرض، ومنهم من أسسها على ضرورة توفير الحماية الكافية لتمكين رأس الدولة من التصرف بحرية في إدارة الشأن العام دون الخشية من المساءلة، فنجد مثلا المبدأ الإنكليزي الشهير الذي يقول بأن الملك لا يخطئ ولا يفعل إلا خيرا وإذا قتل الملك شخصا تتحول المسؤولية على رئيس الوزراء.

 

لكن مبدأ حماية رئيس الجمهورية من المساءلة تجسد وبشكل مكتوب ومطبق على أرض الواقع في الدستور الفرنسي لسنة 1958 بنصه في مادته 68 على عدم مسؤولية رئيس الجمهورية وهي المادة التي استنسخها الدستور الموريتاني لسنة 1991 تحت الرقم 93 والتي أعفت رئيس الجمهورية من المسؤولية عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى.

 

وقد ظل الدستور الموريتاني الصادر بتاريخ 20 يوليو 1991 وفيا لمطابقة الدستور الفرنسي في التأكيد على الحصانة الموضوعية لرئيس الجمهورية، وأطلق العنان لجميع الأفعال باستثناء الخيانة العظمى التي لم يعف الرئيس من المسؤولية عنها مقتديا في ذلك بالمادة 68 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 شبرا بشبر وذراعا بذراع، فجاءت الفقرة الأولى المادة 93 من الدستور الموريتاني لتقول: "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى".

 

 

 

المحور الثالث: الحصانة بشقيها الإجرائي والموضوعي في الدستور الموريتاني.

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن جميع الوقائع محل المتابعة هي أعمال مرتبطة بمهام الرئيس وتدخل في صلاحيات السلطة التنفيذية التي يرأسها رئيس الجمهورية طبقا للمادة 25 من الدستور التي تقول:

 

يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية ويترأس مجلس الوزراء.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن فكرة بناء مطار وتحسين الواجهة العامة للبلاد من إنشاءات وتبليط ... الخ وإنشاء المدارس وإغلاقها ومد الأسلاك لنقل الكهرباء بين المدن وتعيين الموظفين وإقالتهم وإنشاء المرافق العمومية (شركة الطيران) ودمجها فيما بينها (انير و A T T M)

 

كل هذه المجالات من اختصاص السلطة التنظيمية طبقا للمادة 59 من الدستور.

 

لقد نصت المادة 80 من الدستور الموريتاني النافذ على أن الدستور يقع في أعلى الهرم التشريعي

 

وقد جاء في المادة 93 ما نصه ..."لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى.

 

لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية.

 

الوزير الأول وأعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم والتي تكيف على أنها جرائم أو جنح وقت ارتكابها، وتطبق عليهم الإجراءات المحددة أعلاه في حالة التآمر على أمن الدولة وكذلك على شركائهم. وفي الحالات المحددة في هذه الفقرة تكون محكمة العدل السامية مقيدة بتحديد الجرائم أو الجنح وكذا تحديد العقوبات المنصوص عليها في القوانين الجنائية النافذة وقت وقوع تلك الأفعال.

 

بالرجوع إلى هذه المادة سنجد أنها تتكون من ثلاث فقرات الأولى من هذه الفقرات تتحدث عن أن رئيس الجمهورية غير مسؤول عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى، في حين تتحدث الفقرة الثانية عن إجراءات اتهام الرئيس وجهة الاتهام والجهة المخولة إمكانية محاكمته، أما الفقرة الثالثة المكونة من عدة جمل فقد كانت خاصة بمسؤولية الوزير الأول وأعضاء الحكومة ووسعت قائمة الأفعال التي تمكن مساءلتهم عنها، وحددت الإجراءات والقوانين واجبة التطبيق وجهة المحاكمة، وهذا ما يتطلب منا قراءة هذه المادة من عدة أوجه ثم بعد ذلك البسط في شرح هذه المادة وفق ما تمليه قواعد اللغة العربية ونضرب أمثلة من القرءان والحديث وكلام العرب، وقبل ذلك تجب الإشارة إلى أن المادة 93 تخاطب الأفعال والفعل لا بد له من ظرف زمني يكون قد ارتكب فيه.

 

يمكن أن نقرأ المادة كما يلي

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله قبل السلطة (لم يقل به قائل)

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله بعد الخروج من السلطة (لم يقل به قائل)

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله، وننهي المادة (فهذا يعني الإعفاء المطلق لكن المشرع الدستوري قيده باستثناء في المادة 93)

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إعفاء مطلق لكن باقي المادة أورد عليه استثناء واحدا هو إلا في حالة الخيانة العظمى.

 

يمكن الجمع بين هذه الأوجه بإضافة كلمة (المرتكبة) بعد كلمة أفعاله ليتضح بما لا يدع مجالا للشك أن القراءة الصحيحة للمادة تكون كالآتي:

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله (المرتكبة) أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى.

 

وعليه فإنه لا تمكن مساءلة رئيس الجمهورية عن الأفعال المرتكبة أثناء وجوده في السلطة إلا في حالة واحدة وهي الخيانة العظمى.

 

وقد نص الدستور على الإجراءات التي يجب اتباعها في حالة رأت الجمعية الوطنية أن رئيس الجمهورية قد ارتكب فعل الخيانة العظمى فجاءت الفقرة الثانية من المادة 93 من هذا الدستور لتقول بالحرف:

 

لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية.

 

يتضح من هذه الفقرة أنها استبعدت النيابة العامة كسلطة اتهام مألوفة وأناطت هذه المهمة بالجمعية الوطنية وألزمتها بالتصويت على الاتهام علنا وأكثر من ذلك أوجبت نصاب الأغلبية المطلقة لأعضاء الجمعية الوطنية احترازا من الأغلبية المطلقة للحاضرين.

 

وفي حالة توفرت الشروط فإن المادة كلفت جهة حكم أخرى هي محكمة العدل السامية بمحاكمة رئيس الجمهورية.

 

بالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 93 من دستور 20 يوليو 1991سنجد أنها أعفت رئيس الجمهورية من المسؤولية عن أفعاله إلا في حالة واحدة هي حالة الخيانة وعلى الرغم من ذلك سمعنا البعض هنا وبتأويل بعيد يحاول التفصيل في هذه الأفعال مؤسسا تأويله البعيد على:

 

 - اعتماد نظرية الأعمال المتصلة والمنفصلة.

 

 - أن الإعفاء من المسؤولية مؤقت وينتهي بانتهاء مأمورية الرئيس.

 

 - أن الأفعال هي الاختصاصات الممنوحة لرئيس الجمهورية.

 

وهذا ما يتطلب منا المرور بهذه النقاط تباعا.

 

أولا: نظرية الأعمال المتصلة والمنفصلة

 

هذه النظرية معروفة في القانون الإداري ومؤداها أن المسؤول الإداري مهما كانت رتبته محمي من المساءلة (جزائيا) عن التصرفات التي يقوم بها أثناء ممارسة مهامه أو بمناسبتها، وهذا المبدأ يستفيد منه الجميع بدءا باللبنة السفلى في الهرم الإداري وصولا إلى رأس الهرم الأعلى في السلطة التنفيذية، وهذا لا يحتاج نصا لأنه مبدأ من المبادئ التي يقوم عليها العمل الإداري، وهي مطبقة على جميع الأفراد الذين يمارسون أعمالا يخولهم القانون القيام بها مثل السادة القضاة والمحامين والعساكر ... الخ، أما الأفعال التي يرتكبها المسؤولون الإداريون والقضاة والمحامون والعساكر والتي لا علاقة لها بمهامهم المنوطة بهم فهم مسؤولون عنها جنائيا وتمكن متابعتهم على أساسها، لكن المتابعة بشأنها تختلف عن المتابعات العادية لأن هؤلاء يتمتعون بامتياز قضائي يمنحهم حصانة إجرائية نظمتها القوانين.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

في الحالة المنشورة أمام محكمتكم فإن الأمر مختلف لأن الاستثناء الوارد في الفقرة الأولى من المادة 93 من دستور 20 يوليو 1991 نص على فعل غير مرتبط أصلا بالمهام المنوطة برئيس الجمهورية هو الخيانة العظمى والاستثناء يجب أن يكون من جنس المستثنى منه، بمعنى آخر أن المادة أعفت الرئيس من جميع الأفعال غير المرتبطة بمهامه إلا في حالة واحدة هي حالة الخيانة العظمى.

 

 

 

ثانيا: أن الإعفاء من المسؤولية مؤقت وينتهي بانتهاء مأمورية الرئيس.

 

هذا القول لا يعدو كونه مجرد كلام لا ينهض له منطق ولا دليل وينطبق على قائله المثل الحساني (ضعف الحجة ما يحكم مولاها عن إكولها) ففصل الأفعال عن الزمن الذي ارتكبت فيه لا يستساغ عقلا ولا قانونا، ولما كانت المسؤولية الجزائية لا تقوم إلا استنادا إلى أفعال محددة قانونا والجزاء فيها عقوبة تتضمن مفهوم الردع ، فلابد من حصر الأفعال المعاقب عليها وفقا لمبدأ المشروعية القاضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص سابق على ارتكابها (تصرفات القاصر قبل بلوغه سن الرشد وتصرفات ناقصي وعديمي الأهلية هل يمكن تأجيل مساءلتهم عنها بعد البلوغ أو كمال الأهلية) والقول بأن الرئيس تؤجل مساءلته عن الأفعال المرتكبة أثناء فترة حكمه إلى حين خروجه من السلطة مثل القول بأن السيد الوكيل تمكن مساءلته عن متابعة من ظهرت براءتهم بعد إقالته أو تقاعده، كما هو شأن رئيس المحكمة وغيره من المسؤولين العموميين وقوات الأمن ... الخ وهذا لا يستقيم.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن القول بأن موانع مساءلة رئيس الجمهورية المنصوصة في المادة 93 من الدستور هي موانع مؤقتة تزول بخروجه من السلطة مثل القول بأنه بالإمكان مساءلة عديمي الأهلية الذين ارتكبوا جنايات أو جنح هم معفيون من المساءلة عنها جزائيا بعد كمال أهليتهم خلافا للمادة 58 من القانون الجنائي التي تقول:

 

لا جناية ولا جنحة إذا كان المتهم في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة.

 

 

 

ثالثا: أن الأفعال هي الاختصاصات الممنوحة لرئيس الجمهورية.

 

القول بأن الأفعال الواردة في الفقرة الأولى من المادة 93 من دستور 20 يوليو 1991 هي الاختصاصات الممنوحة لرئيس الجمهورية بموجب الدستور نفسه يؤكد أن صاحب هذا القول لم يكلف نفسه عناء البحث عن نوعية هذه الاختصاصات وهو ما يتطلب منا قراءة المواد الدستورية التي تناولت هذه الاختصاصات بدءا من المادة 30 من دستور 20 يوليو 1991 التي تقول:

 

المادة 30: يحدد رئيس الجمهورية السياسـة الخارجيـة للأمـة وسياستها الدفاعيـة والأمنيـة ويسهـر على تطبيقهـا. يعين الوزير الأول وينهي وظائفه. يعين الوزراء باقتراح من الوزير الأول ويمكنه أن يفوض بعض سلطاته لهم بمرسوم. ينهي وظائفهم بعد استشارة الوزير الأول. الوزير الأول والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية. يبلغ رئيس الجمهورية آراءه إلى البرلمان عن طريق خطابات، ولا يستدعي إبلاغه ذلك فتح أي نقاش.

 

المادة 31 (جديدة): لرئيس الجمهورية، بعد استشارة الوزير الأول ورئيس الجمعية الوطنية، أن يحل الجمعية الوطنية.

 

المادة 32: يصدر رئيس الجمهورية القوانين في الأجل المحدد في المادة 70 من هذا الدستور. وهو يتمتع بالسلطة التنظيمية ويمكنه أن يفوض جزأها أو كلها للوزير الأول. يعين في الوظائف المدنية والعسكرية.

 

المادة 33: توقع المراسيم ذات الصبغة التنظيمية عند الاقتضاء من طرف الوزير الأول والوزراء المكلفين بتنفيذها.

 

المادة 34: رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويترأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني.

 

المادة 35: يعتمد رئيس الجمهورية السفراء والمبعوثين فوق العادة إلى الدول الأجنبية، ويُعتمد لديه السفراء والمبعوثون فوق العادة.

 

المادة 36: يمضي رئيس الجمهورية المعاهدات ويصدقها.

 

المادة 37: يمارس رئيس الجمهورية حق العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها.

 

المادة 38: لرئيس الجمهورية أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية.

 

المادة 39 (جديدة): يتخذ رئيس الجمهورية بعد الاستشارة الرسمية للوزير الأول ولرئيس الجمعية الوطنية وللمجلس الدستوري، التدابير التي تقتضيها الظروف حينما يهدد خطر وشيك الوقوع، مؤسسات الجمهورية والأمن والاستقلال الوطنيين وحوزة البلاد، وكذلك حينما يتعرقل السير المنتظم للسلطات العمومية الدستورية، ويطلع الأمة على الحالة عن طريق خطاب.

 

تنبع هذه الإجراءات من الرغبة في ضمان استعادة السير المطرد والمنتظم للسلطات العمومية في أقرب الآجال، وينتهي العمل بها حسب نفس الصيغ حالما تزول الظروف المسببة لها.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

جميع هذه المواد تحدثت عن أفعال مشروعة لا يطالها التجريم وهو ما يعني تلقائيا أن اختصاصات رئيس الجمهورية ليست هي المعنية بالفقرة الأولى من المادة 93 من دستور 20 يوليو 1991 والتي جاء فيها:

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى.

 

فهل الخيانة العظمى كفعل مجرم هي من جنس الأعمال المشروعة التي وردت كاختصاصات لرئيس الجمهورية؟ أم أن أصحاب هذا الرأي غير مكترثين بالقواعد اللغوية العربية؟

 

إن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية كما ورد في ديباجة الدستور الموريتاني وفي مادته 6.

 

سوف نحاول مجارات أصحاب هذا الرأي القائلين بأن الأفعال المقصودة هي اختصاصات رئيس الجمهورية ونورد المادة ونستثني منها جدلا اختصاصات رئيس الجمهورية، فهل سيسمح الذوق العام والمنطق السليم للقائلين بهذا القول وللمحكمة السيطرة على أنفسهم لاستكمال هذه الفرضية؟

 

فنقرأ المادة 93 من الدستور تأسيسا على هذه الفرضية فنقول:

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

تحديده للسياسة الخارجية للأمة وسياستها الدفاعيـة والأمنيـة وسهره على تطبيقها.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

تعيينه للوزير الأول وإنهائه وظائفه.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

تعيينه للوزراء باقتراح من الوزير الأول

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

تفويضه بعض سلطاته للوزراء بمرسوم.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

إنهاء وظائف الوزراء بعد استشارة الوزير الأول.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

إبلاغ آرائه إلى البرلمان عن طريق خطابات.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

حله للجمعية الوطنية بعد استشارة الوزير الأول.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

إصداره القوانين في الأجل المحدد في المادة 70 من الدستور.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

تفويضه جزء أو كل السلطة التنظيمية للوزير الأول.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

قيامه بالتعيين في الوظائف المدنية والعسكرية.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

قيادته العليا للقوات المسلحة وترؤسه المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

 اعتماده السفراء والمبعوثين فوق العادة إلى الدول الأجنبية.

 

 لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

اعتماد السفراء والمبعوثين فوق العادة لديه.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

إمضائه المعاهدات وتصديقها.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

ممارسته حق العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

استشارته للشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية.

 

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة:

 

اتخاذه بعد الاستشارة الرسمية للوزير الأول ولرئيس الجمعية الوطنية وللمجلس الدستوري، التدابير التي تقتضيها الظروف حينما يهدد خطر وشيك الوقوع، مؤسسات الجمهورية والأمن والاستقلال الوطنيين وحوزة البلاد، وكذلك حينما يتعرقل السير المنتظم للسلطات العمومية الدستورية، وإطلاعه الأمة على الحالة عن طريق خطاب.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

أيهما أقرب للصواب وللذوق الطبيعي والفطرة السليمة أن نقرأ النص بانسيابية ونستسلم للقاعدة التي تقول بأن الاستثناء لا بد أن يكون من جنس المستثنى منه، وبالتالي كون الاستثناء تناول فعلا مجرما هو الخيانة العظمى يعني مباشرة أن الأفعال المشمولة بالمادة هي الأفعال التي تشترك مع الخيانة العظمى في التجريم ولا شيء غيرها.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن المشرع الدستوري منح امتيازا قضائيا لرئيس الجمهورية حال ارتكابه جريمة الخيانة العظمى، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 93 من الدستور على أنه:

 

لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية.

 

إن الجميع متفق على أن الأفعال المتابع بشأنها موكلنا حصلت كلها في الفترة ما بين 2009 و2019 أي أنها منسوبة إليه بصفته رئيسا للجمهورية وهي الصفة التي لا يمكن بترها عن الموصوف (الأفعال).

 

فهذه الوقائع إما أن تكون من الأفعال التي أعفت الفقرة الأولى من المادة 93 من دستور 20 يوليو 1991 رئيس الجمهورية من إمكانية المساءلة عنها وبالتالي فلا داعي لمتابعته بشأنها، وإما أن تكون هذه الأفعال ضمن الأفعال المستثناة في نفس الفقرة (الخيانة العظمى) فلا إمكانية لاتهام الرئيس من قبل النيابة العامة ولا سلطة لمحكمتكم لمحاكمته طبقا للفقرة الثانية من المادة 93 التي منحت سلطة الاتهام للجمعية الوطنية وسلطة المحاكمة لمحكمة العدل السامية، وهذا الامتياز القضائي الإجرائي الممنوح لرئيس الجمهورية بنص الدستور ليس نشازا فنجد مثله ممنوحا لكل من أعضاء المحكمة العليا، أعضاء السلك القضائي، أو الإداري، رؤساء الدوائر الإدارية، كما هو منظم في قانون الإجراءات الجنائية، حيث جاء فيه:

 

الباب التاسع: في الجنايات أو الجنح التي يرتكبھا القضاة وبعض الموظفين.

 

بقراءة المادة 613 وما بعدها في بابها من قانون الإجراءات الجنائية سنجد أن هذه المواد منحت حصانة إجرائية بموجبها لا يستطيع القضاء العادي بمفهومه التقليدي (وكيل الجمهورية قضاة التحقيق) مباشرة متابعة هؤلاء.

 

حيث نصت المادة 613 على أنه:

 

إذا كان عضو من المحكمة العليا أو قاض من السلك القضائي أو الإداري أو رئيس دائرة إدارية عرضة للمتابعة من أجل جناية أو جنحة مرتكبة خارج نطاق مباشرة لوظيفته، يقدم وكيل الجمهورية الذي يوجه عن طريق السلم الإداري طلبا إلى المحكمة العلي، التي تقوم بالإجراءات وتبت مثل ما يقع في حالة تنازع الاختصاص بين القضاة وتعين المحكمة المكلفة بالتحقيق والحكم في القضية.

 

 يجب على المحكمة العليا أن تفصل في ظرف ثمانية (8) أيام ابتداء من يوم وصول الطلب إليھا.

 

 المادة 614 يجب على قاضي التحقيق المعين أن يقوم شخصيا بكل إجراءات التحقيق الضرورية، وينحصر اختصاصه في الحدود الواردة في المادة 83 .

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

يتبين مما سبق أن رئيس الجمهورية لا تمكن مساءلته من أي جهة كانت عن الأفعال المرتكبة أثناء وجوده في الحكم إلا في حالة واحدة هي حالة الخيانة العظمى وأنه في حال وجودها منح الدستور جهة واحدة حق الاتهام (الجمعية الوطنية) وجهة واحدة حق المحاكمة (محكمة العدل السامية) ومن يدعي عكس هذا أو من لديه قراءة أخرى نذكره والمحكمة بالقاعدة الأصولية المعروفة التي تقول بأنه -لا اجتهاد مع وجود نص- والنص هنا واضح وصريح وإذا افترضنا جدلا وجود غموض في النص فإنه يفسر لصالح المتهم كما نصت على ذلك المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

لتوضيح قاعدة أن المستثنى يجب أن يكون من جنس المستثنى منه نبين التالي:

 

1) حول دلالة نفي الفعل الواردة في نص المادة 93: لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله.. إلخ

 

من القواعد اللغوية والأصولية أن لا مع الفعل المضارع من صيغ العموم، وإن الفعل في سياق النفي يعم، فقوله تعالى:

 

لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

 

(لا يموت فيها ولا يحيى) يعم جميع الأزمنة المستقبلة ولا يفهم منه إلا نفي جميع مصادر هذين الفعلين. (لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا) (إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى) لأن نفي الفعل نفي لمصدره، فوجب أن يكون نفي الفعل حقيقة في عموم نفي جميع المصادر، وهو المطلوب.

 

2) حول معنى الاستثناء الوارد في المادة 93 إلا في حالة الخيانة العظمى

 

‌‌قال ابن مالك في التسهيل باب ‌الاستثناء، وهو المخْرَج تحقيقا أو تقديرا من مذكور أو متروك بإلّا أو ما بمعناها بشرط الفائدة.

 

وهكذا فالاستثناء المتصل هو إخراج جزئيات دخلت في عموم سابق، فهي جزء من ذلك الكل لكن حكمها مغاير له، فإن لم تكن الجزئيات من جنس العموم السابق فليس هذا استثناء حقيقة لأنها لم تدخل فيه أصلا وإنما رُبط حكمها المغاير بحكمه وهذا ما يسميه النحاة الاستثناء المنفصل أو المنقطع، والذي ليس في مرمى كلامنا لأنه لا يستعمل في النصوص التشريعية التي تجري لغتها على السَّنَن المألوف المتعارف عليه، ومعنى الاستثناء أن تخرج شيئا مما أدخلت فيه غيره، أو تدخله فيما أخرجت منه غيره، وحرفه المستولى عليه إلا، وتشبه به أسماء وأفعال وحروف وقاعدة الاستثناء المتصل أن يكون المستثنى ‌من ‌جنس ‌المستثنى منه وتناوله العموم ثم أخرجته الأداة كما يتضح من الأمثلة التالية:

 

وللاستثناء من الأمثلة في القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة وكلام العرب ما لا يدخل تحت حصر، ونكتفي منه بما يوضح القاعدة، كقوله تعالى: {والعصر إن الإنسن لفي خسْر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}، وقوله تعالى: {فَاسر بأهلك بقطع من اليلِ ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم}، وقوله تعالى: {‌لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما}، وقوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير..}، وقوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}، ووقوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم}، وقوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عمل صالحا فأولئك يبدل الله سيآتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تاكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}، وقوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}.

 

 

 

ومن السنة النبوية الشريفة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإن هذه الحبة السوداء دواء من كل داء إلا الموت"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله".

 

 

 

ومن كلام العرب نستشهد بالأمثلة التالية:

 

- حضرت المحكمة إلا العضو أ، فالعضو ألف من جنس المحكمة ولا يمكن أن نقول:

 

- حضرت المحكمة إلا المحامي أ، فالمحامي ليس من جنس المحكمة.

 

- حضر المحامون إلا النقيب، فالنقيب من جنس المحامين، ولا يمكن أن نقول:

 

- حضر المحامون إلا كاتب الضبط فكاتب الضبط ليس من جنس المحامين.

 

ومن النصوص الشعرية نورد ما يلي:

 

يا خير من حملت كفاه حجزته     وخير من قلدته أمرها مضر

 

إلا النبي رسول الله إن له      فضلا وأنت بذاك الفضل تفتخر

 

لا سيف إلا ذو الفقا        ر ولا فـــــــــــــــــــــتى إلا علي

 

لكلِّ داءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ به   إلّا الحماقةَ أعْيَتْ مــــــــن يُدَاوِيها

 

ألا لا أرى على الحوادث باقيا   ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا

 

فَتِلْكَ تُبْلِغُني النُّعمانَ إنَّ لهُ  فضلاً على النّاس في الأَدْنَى وفي البَعَدِ

 

ولا أرى فاعلاً في الناسِ يُشْبِهُهُ ولا أُحَاشِي مِن الأَقوامِ مِن أَحَدِ

 

إلاّ سليمانَ إذْ قالَ الإلهُ لهُ  قُمْ في البَرِيَّةِ فَاحْدُدْها عنِ الفَنَد

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

انطلاقا من الذوق السليم والألفاظ الواضحة والصريحة في المادة 93 من الدستور والمبنية على الخلفية التاريخية لكتابة هذا الدستور وبعد إيراد الأمثلة أعلاه يتضح بما لا يدع مجالا للشك بأن الأفعال التي يرتكبها رئيس الجمهورية في فترة حكمه لا تمكن مساءلته عنها جميعا إلا في حالة واحدة هي حالة الخيانة العظمى فقط.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

في حالة ارتكاب رئيس الجمهورية لجريمة الخيانة العظمى فإن القضاء العادي بشقيه الواقف والجالس لا تمكنه متابعته ولا محاكمته انطلاقا من الفقرة الثانية من المادة 93 من الدستور والتي لم تترك هذا الموضوع للنصوص العادية فقررت بأن سلطة المتابعة تختص بها الجمعية الوطنية التي تصوت على المتابعة بالأغلبية المطلقة لأعضائها احترازا من الأغلبية المطلقة للحاضرين على أن تتولى المحاكمة محكمة العدل السامية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

كما تعلمون فإن هذه المسطرة تمت المتابعة فيها والنظر في أصلها من طرف القضاء العادي، خلافا لما تطلبه المادة 93 من الدستور.

 

 

 

المحور الرابع: الوقائع محل المتابعة والنصوص التي أسست عليها.

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

بخصوص الموضوع المثار أمامكم وانطلاقا من القاعدة المعروفة الحكم على الشيء فرع عن تصوره ونظرا لأن الموضوع يتعلق برئيس حكم البلاد أكثر من عشر سنوات وانطلاقا من الأجوبة المفصلة التي قدمها المعني أمامكم كما تناولها شهود المحكمة بالتفصيل الممل بالإضافة إلى المشمولين في القضية فإنه يتعين علينا قراءة النصوص التي أسست عليها التهم ثم الرجوع لمحاضر البحث الابتدائي والتحقيق ومحاضر جلسات المحكمة لنجد أن هذه التهم مجرد كلام مرسل تعوزه الحجة والدليل.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

الغريب في الأمر هو أن هذه الأفعال أصلا غير مجرمة والعنصر الجزائي فيها منعدم ولكن إذا افترضنا جدلا أنها مجرمة فلم تقدم النيابة العامة دليلا يسند أي تهمة من هذه التهم، والأغرب من ذلك أنه على فرضية تجريم هذه الأفعال فإن فاعليها المعترفين بها لم يشمل أغلبهم الاتهام والقلة الذين شملهم الاتهام تم اتهامهم بالمشاركة فقط على الرغم من أنهم اعترفوا بارتكاب الوقائع وادعوا على غيرهم.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

قبل تناول هذه الوقائع بالتفصيل لا بد أن نعرج على تعريف الجريمة وتبيان أركانها لكي نفهم ما هي الأوصاف الحقيقية للوقائع محل المتابعة وهل تنطوي هذه الأفعال على ما يرتب له القانون جزاء.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

عرف الفقهاء الجريمة بأنها:

 

محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير.

 

وعرفها القانونيون بأنها:

 

فعل غير مشروع، صادر عن إرادة جنائية، يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا.

 

وللجريمة أركان ثلاثة هي:

 

الركن القانوني: ويعني وجود نص يحظر الجريمة ويعاقب عليها.

 

الركن المادي: ويراد به الفعل المكون للجريمة.

 

الركن المعنوي: ويراد به القصد الجنائي.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

جاءت قوانين العقوبات وحددت كل جريمة بموجبها يفرض على الجاني عقابه لينال جزاءه وحددت الطرق التي تتم بها المساءلة عن كل فعل مجرم بعد أن تتوفر أركان الجريمة لكي يمكن إسقاط النصوص النافذة على الوقائع المجرمة ومن ثم تطبيقها على الجناة، وتتكون الجريمة من ثلاثة أركان مهمة وهي الأركان المعروفة لدى كل الدارسين والمهتمين في المجال وهي:

 

1) الركن القانوني

 

2) الركن المادي

 

3) الركن المعنوي

 

ولا يمكن في غياب أي من هذه الأركان وصف أي فعل بأنه جريمة ، وهنا نلتمس من المحكمة السماح بتناول هذه الأركان باقتضاب لكي نعرف مدى توفرها في كل أو بعض الوقائع المنشورة أمام المحكمة إبراء لذمتنا ولذمة المحكمة أمام التاريخ.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

سنتناول هذه الأركان تباعا بدءا بالركن القانوني مرورا بالركن المادي وصولا إلى الركن المعنوي وذلك كما يلي:

 

 

 

أولا: الركن القانوني

 

في ظل غياب النص القانوني قبل سنة 2016 و2019 ولأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ووجود العقوبة أيضا يجب أن يتم بموجب نص، أي قانون العقوبات النافذ وقت ارتكاب الوقائع، والذي يجرم الفعل ويفرض العقوبة المناسبة على ارتكابه ولكون هذا النص لم يكن موجودا قبل سنتي 2016 و 2019 فإنه يتضح لنا في الوقائع المنشورة أمام محكمتكم غياب الركن القانوني المهم جدا والأساسي وبصورة كبيرة في أي جريمة والذي بدونه لا وجود لأي جريمة ولا عقاب على أي جريمة.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

انطلاقا من المبدإ العالمي القاضي بعدم رجعية القوانين والمكرس بالمادة 2 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني التي التي تقول:

 

ليس للقانون أثر رجعي ولا يسري مفعوله إلا على المستقبل ...

 

ونظرا لأن أغلب التهم الموجهة لموكلنا السيد محمد عبد العزيز تتعلق بوقائع حصلت (قبل سنتي 2016 و2019) أي قبل صدور قانون مكافحة الفساد والقانون المتعلق بغسل الأموال فإن محاولة تطبيق هذين النصين في هذه المسطرة لا يعدو كونه محاولة للي أعناق نصوص وإسقاطها على محل لا يستساغ منطقا ولا قانونا انطباقها عليه لسبب بسيط وهو أن هذه الوقائع بغض النظر هل هي مجرمة أم غير مجرمة حصلت قبل ميلاد هذين النصين.

 

وانطلاقا من قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا والمبدأ المتفق عليه عالميا والمعروف بمبدإ شرعية الجرائم والعقوبات والمكرس بنص المادة 4 من القانون الجنائي الموريتاني بنصها على أنه:

 

لا عقوبة على المخالفة أو الجنحة أو الجناية إلا بمقتضى نص قانوني سابق على ارتكابها.

 

ونظرا لأن جميع الوقائع المنشورة أمام محكمتكم مستغرقة بالفترة الزمنية ما بين سنتي 2009 و2018 وهي الفترة التي كان فيها موكلنا السيد محمد عبد العزيز يشغل منصب رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية طبقا لمواد الدستور الصادر بتاريخ 20 يوليو 1991 الذي هو النص الأعلى في الهرم التشريعي.

 

ونظرا لأن المادة 93 من هذا الدستور تعفي من يشغل منصب رئيس الجمهورية من إمكانية المساءلة عن أفعاله المرتكبة في هذه الفترة إلا في حالة الخيانة العظمى والتي في حالة ارتكاب الرئيس لها فإن الدستور حدد المسطرة الواجب اتخاذها في حققه وبين الجهة التي تملك سلطة الاتهام (البرلمان) والطريقة التي يتم بها الاتهام (الأغلبية المطلقة في تصويت علني) والجهة المخولة محاكمة الرئيس (محكمة العدل السامية) ومحكمتكم لا مشاحة في أنها ليست محكمة العدل السامية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن الوقائع محل المتابعة (التي سنتحدث عنها لاحقا بالتفصيل) غير مجرمة بنص سابق على ارتكابها وإذا افترضنا جدلا أنها مجرمة فإنه لا تمكن مساءلة من كان رئيسا للجمهورية يوم ارتكابها عنها نظرا لأنها ليست خيانة عظمى التي هي محل الاستثناء الوحيد في المادة 93 من الدستور والتي يمكن لمحكمة العدل السامية مساءلة رئيس الجمهورية بشأنها.

 

.

 

ثانيا: الركن المادي

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

يتعلق الركن المادي للجريمة بحق يحميه القانون وهو عبارة عن فعل أو الامتناع عن فعل يحصل بموجبه ضرر للغير، وهذا الركن يتكون من ثلاثة عناصر تتمثل في:

 

الفعل (وهو السلوك الجرمي)

 

النتيجة (الضرر)

 

العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة

 

1) الفعل

 

وبتناول هذه الأفعال سنجد أنها جميعها أفعال مشروعة (قرارات إدارية) تخضع لنفس الشروط التي تخضع لها القرارات الإدارية فكل هذه الوقائع (التي سنتحدث عنها تفصيلا لاحقا) تمت من جهة مختصة لها كامل السلطة في اتخاذ ما تراه مناسبا مراعاة للمصلحة العامة التي هي حجر الزاوية في جميع الأعمال السيادية التي تقوم بها السلطة التنفيذية والمخولة لها بشكل صريح بموجب المادة 59 من دستور 20 يوليو 1991 التي تقول حرفيا:

 

المواد الخارجة عن مجال القانون من اختصاص السلطة التنظيمية ...

 

 

 

2) النتيجة

 

كل النتائج التي حصلت بموجب هذه القرارات الإدارية السيادية لم تقدم أي جهة مهما كانت أنها تضررت بموجبها بل بالعكس من ذلك جلبت هذه القرارات السيادية الكثير من المنافع المادية والمعنوية للدولة الموريتانية والتي لا مناكرة فيها لأنها محسوسة بالعين المجردة وبالتالي فلا مناكرة في محسوس.

 

 

 

3) العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة

 

يشترط لقيام العلاقة السببية بين الفعل المجرم والنتيجة (الضرر) رابطة بين الفعل والنتيجة وهذا منتف في الوقائع المنشورة أمامكم فلا النيابة العامة ولا الطرف المدني (المنضم لها) حسب وصف أحد أهم الفاعلين فيه قدموا فعلا مجرما ولا ضررا محددا وبالتالي فما دام الفعل المجرم غير موجود أصلا ونتيجته منعدمة فلا يمكن تصور وجود علاقة سببية لأنها تدور مع الفعل والنتيجة وجودا أو عدما.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

يتبين من وثائق الملف أنه لم تقم بينة على ارتكاب أفعال مجرمة كما أنه لم يقدم أي طرف ما يثبت حصول ضرر في حقه وبالتالي فلا داعي للبحث عن علاقة سببية بين فعل غير مجرم ونتيجة لم تترتب عليها أضرار لأي كان، وهو ما يعني انتفاء الركن المادي للجريمة في الوقائع المنشورة أمام محكمتكم الموقرة.

 

 

 

ثالثا: الركن المعنوي

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

إن الركن الثالث من أركان الجريمة هو الركن المعنوي والذي يعرف بأنه القصد الجنائي أو الباعث على القيام بالسلوك المجرم ويتمثل في انصراف نية الفاعل إلى القيام بالفعل المجرم وهو ما لا يمكن انطباقه على موكلنا بحال من الأحوال.

 

فبالرجوع إلى سلوك موكلنا طيلة أكثر من أربعين سنة التي قضاها في خدمة الدولة سنجد أنه كان من خيرة الضباط الذين خدموا في المؤسسة العسكرية كما أن الفترة التي تولى فيها قيادة البلاد شهدت الكثير من الإنجازات التي لا مناكرة في أنها تندرج في خدمة المصلحة العامة للبلاد والعباد.

 

قضية البنك المركزي والخزينة التي تحدث عنها الوزير السابق سيدي سالم والتي وجدها الرئيس السابق أمامه كمعضلة اقتصادية تنخر في جسم الدولة الموريتانية والتي بموجبها كانت الدولة ترزح تحت نير مديونية في حدود 250 مليار أوقية قديمة 85% منها لصالح القطاع الخاص.

 

بفضل السياسة الصارمة التي انتهجها الرئيس السابق تناقصت هذه المبالغ إلى حدود 50 مليار أوقية قديمة فقط 87% منها ملك لمؤسسات الدولة مثل الموريتانية للطيران وميناءي نواكشوط ونواذيبو وشركة سنيم والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق الإيداع والتنمية... الخ في حين أصبحت نسبة القطاع الخاص من هذه المبالغ في حدود 15% فقط بدل 85% سابقا.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

تحدث الرئيس السابق محمد عبد العزيز أمام محكمتكم الموقرة وأورد عدة أمثلة من محاربته للفساد والتي من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر:

 

أنه حين وصل للسلطة وجد معضلة حقيقية تتمثل في شكل من أنواع الفساد الممنهج لا يخطر على بال أحد وذلك أن بعض مؤسسات الدولة لديها آخر حين تفتح حسابا للإيداع لدى أحد البنوك يلزمها هذا البنك بفتح حساب مدين دائما لدى نفس البنك فتدفع المؤسسة أموالها في الحساب الأول وحين تريد أن تسحب لا يمكنها ذلك إلا من خلال الحساب المدين لكي يستفيد البنك من الفائدة التي يضيف على المبلغ على أساس أنه قرض والحقيقة هي أن المؤسسة لم تسحب إلا ما أودعت في الحساب الأول وقد أوقف الرئيس السابق هذا النوع من العمليات والزم جميع مؤسسات الدولة بأن تدفع أموالها لدى الخزينة العامة وهو ما ولد له الكثير من العداوات.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

لا يمكن تصور جريمة في غياب الأركان الثلاثة التي تحدثنا عنها بمعنى أن المحكمة يجب أن تستصحب دائما قرينة البراءة التي هي الأصل والمكرسة بموجب الفقرة الثانية من المادة 13 من دستور 20 يوليو 1991.

 

كما أنه يجب على المحكمة أن تلزم النيابة والطرف المدني بتقديم الأدلة على ما يدعونه، لان مجرد الدعوى لا يثبت حقا ولا يوجه تهمة في الشرع وفقا للحديث النبوي الشريف:

 

لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

 بعد تعريف الجريمة وتبيان أركانها ألتمس منكم قبل السماح بتناول ما ورد في محاضر البحث الابتدائي (والذي اكتفت النيابة العامة به كأساس لاتهام الرئيس السابق كفاعل رئيسي) ومحاضر التحقيق وما تم التصريح به أمام محكمتكم الموقرة بأن أقرأ على مسامعكم نص المواد المتابع على أساسها الرئيس السابق محمد عبد العزيز.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

سنورد نصوص المواد المتابع على أساسها الرئيس السابق ومن ثم نعلق عليها

 

 

 

 

 

أولا: مواد القانون الجنائي

 

 

 

سنورد كل مادة على حدة ونعلق عليها على حدة

 

المادة 164 .- يعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات وعلاوة على ذلك يدان وجوبا بغرامة من 5.000 أوقية إلى 10.000 أوقية كل عون مدني أو عسكري للدولة أو المجموعات العمومية أو مؤسسة عمومية أو تعاونية أو جمعية تستفيد من مساندة الدولة أو الشركة أو مجموعة عمومية يكون نصف رأس مالها على الأقل تملكه الدولة، سواء كان ذلك العون محاسبا عموميا، أم لا وكل شخص له صفة عمومية أو كل قائم بوظيفة عمومية أو موظف قضائي ارتكب أثناء ممارسته لوظيفته الاختلاسات والتبديد المنصوص عليها بالمادة 379 من هذا القانون.

 

 

 

التعليق

 

هذه المادة لا تنطبق على الرئيس السابق لأنه ليس عونا للدولة ولا يقوم بوظيفة عمومية كما أن الوقائع التي تتحدث عنها منها ما هو غير موجود في التهم أصلا (الاختلاس) ومنها ما هو مجرد ادعاء (التبديد) لم ينهض له دليل، كما أن الشروط التي تطلب المادة 379 غير متوفرة وهو ما سنبينه حين نتناول هذه المادة.

 

المادة 165 .- تطبق العقوبات ذاتها على الأشخاص المعنيين في المادة السابقة والذين يختلسون بمناسبة ممارستهم لوظائفهم أدوات أو مخالصات أو كتابات تقضي إلزاما أو إعفاء، وعلى أي شخص حصل بطريق الغش من الدولة أو مجموعة عمومية بواسطة وثائق مزيفة أو بأية حيلة على مبالغ من النقود أو مزايا مادية يعلم أنها غير مستحقة له وذلك في أي ظرف آخر.

 

 

 

التعليق:

 

هذه الشروط التي تطلبها المادة 165 غير متوفرة في حق الرئيس السابق لأن النيابة العامة لم تتهمه باختلاس أدوات ولا مخالصات ولا كتابات تقضي إلزاما أو إعفاء، ولم يحصل بطريق الغش من الدولة أو مجموعة عمومية بواسطة وثائق مزيفة أو بأية حيلة على مبالغ من النقود أو مزايا مادية يعلم أنها غير مستحقة له ...

 

وهذه الشروط لم تقدم النيابة العامة أي دليل على توفرها في حق الرئيس السابق وهو ما يعني عدم انطباقية هذه المادة على الرئيس السابق.

 

المادة 169 .- كل موظف أو مأمور عمومي أو عون حكومي يأخذ أو يتلقى أية فائدة من العقود أو المزايدات أو المقاولات أو المؤسسات التي تكون له وقت ارتكاب الفعل إدارتها أو الإشراف عليها أو بعضها، يعاقب بالحبس من ستة أشهر على الأقل إلى سنتين على الأكثر، ويحكم عليه بغرامة لا يمكن أن تتجاوز ربع المردودات والتعويضات، ولا تقل عن الجزء الثاني عشر منها، سواء أوقع ذلك صراحة أم بفعل مشابه أو عن طريق شخص آخر.

 

كما يصرح علاوة على ذلك بعدم أهليته لمباشرة أية وظيفة عمومية مستقبلا.

 

ويطبق هذا الحكم على الموظف أو العون الحكومي الذي يأخذ أية فائدة كانت من عملية يكون مكلفا بأن يصدر فيها أوامر دفع أو بأن يتولى تصفيتها.

 

يعاقب بالحبس لنفس المدة وبغرامة من 5.000 أوقية إلى 40.000 أوقية، كل موظف عمومي وكل عون أو مامور في الإدارة العامة مكلف بحكم وظيفته بالإشراف والمراقبة المباشرة على مؤسسة خاصة أخذ أو تلقى أو شارك بعمله أو مشورته أو برأس ماله (ماعدا أيلولة وراثية فيما يتعلق برؤوس الأموال) في امتيازات أو شركات أو استغلال حكومي كانت موضوعة مباشرة تحت إشرافه أو مراقبته وذلك لمدة خمس سنوات ابتداء من تاريخ توقفه عن العمل سواء كان بسبب عطلة أو استيداع أو إحالة على التقاعد أو استقالة أو عزل أو طرد.

 

كما يصرح علاوة على ذلك بعدم أهليته لمباشرة أية وظيفة عمومية كما نص على ذلك في الفقرة الثانية من هذا الفرع.

 

وتطبق العقوبات ذاتها على مديري الامتيازات والشركات، والاستغلالات الحكومية المعتبرين مشاركين.

 

 

 

التعليق:

 

هذه المادة تخاطب الموظف العمومي ورئيس الجمهورية ليس موظفا عموميا كما سنبين حين التعليق على قانون مكافحة الفساد.

 

 

 

المادة 379 .- يعاقب بالحبس من ستة أشهر على الأقل إلى أربع سنوات على الأكثر وبغرامة من 5000 أوقية إلى 60000 أوقية كل من يختلس أو يبدد أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أية أشياء أخرى أو أوراقا مالية أو مخالصات أو محررات أخرى تتضمن أو تقتضي التزاما أو إبراء قد سلمت إليه على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو لأداء عمل بأجر أو دونه بشرط ردها أو تقديمها أو لاستعمالها أو لاستخدامها في عمل معين وذلك إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حيازتها.

 

إن طابع الغش في الاختلاس والتبديد يترتب على مجرد كون الفاعل قد أعذر برد أو إحضار الأوراق التجارية أو النقود أو البضائع أو أية أشياء أخرى، أو الأوراق المالية أو المخالصات أو المحررات الأخرى التي تتضمن التزاما أو إبراء ولم يمتثل.

 

لا جنحة إذا كان عدم تنفيذ الالتزام ناشئا عن قوة قاهرة أو عن الدافع عن نفسه أو الغير أو عن عمل خارج عن إرادة الفاعل، وللفاعل أن يثبت هذه الوقائع بشتى الوسائل.

 

وترفع العقوبة إلى عشر سنوات من الحبس و 1000000أوقية غرامة إذا ارتكب خيانة الأمانة شخص يلجأ إلى الجمهور ليحصل سواء بوصفه مديرا أو عضوا في مجلس إدارة أوعونا في شركة أو في مشروع تجاري أو صناعي أو لحسابه الخاص على أموال أو قيم باسم الوديعة أو الوكالة أو الرهن.

 

إذا ارتكبت خيانة الأمانة المقررة والمعاقب عليها في الفقرة السابقة من طرف خادم بأجر أو تلميذا أو أحد رجال الكنيسة، أو كاتب أو عامل وذلك إضرار بمخدومة، فإن مدة الحبس يمكن رفعها إلى عشر سنوات والغرامة إلى 1000000  أوقية.

 

ويمكن علاوة على ذلك أن يسلط على الجناة الحرمان من الحقوق الواردة في المادة 36 من القانون الجنائي لمدة عشرة سنوات على الأكثر والمنع من الإقامة لمدة مساوية.

 

 

 

التعليق:

 

المادة 379 تتحدث عن خيانة الأمانة التي تتقادم بثلاث سنوات طبقا للمادة 8 من قانون الإجراءات الجنائية وحددت شروطا لانطباقها وهي الشروط التي لم تتوفر في حق الرئيس السابق.

 

فلم تدع النيابة ولا غيرها أن الرئيس السابق اختلس أو بدد أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أية أشياء أخرى أو أوراقا مالية أو مخالصات أو محررات أخرى تتضمن أو تقتضي التزاما أو إبراء قد سلمت إليه على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو لأداء عمل بأجر أو دونه بشرط ردها أو تقديمها أو لاستعمالها أو لاستخدامها في عمل معين وذلك إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حيازتها.

 

 

 

إن النيابة العامة لم تقدم ما يثبت أن الرئيس السابق قد أعذر ولم يمتثل لرد أو إحضار الأوراق التجارية أو النقود أو البضائع أو أية أشياء أخرى، أو الأوراق المالية أو المخالصات أو المحررات الأخرى التي تتضمن التزاما أو إبراء كما تطلب المادة 379.

 

 

 

لقد قررت المادة مضاعفة العقوبة

 

-إذا ارتكب خيانة الأمانة شخص يلجأ إلى الجمهور ليحصل سواء بوصفه مديرا أو عضوا في مجلس إدارة أوعونا في شركة أو في مشروع تجاري أو صناعي أو لحسابه الخاص على أموال أو قيم باسم الوديعة أو الوكالة أو الرهن.

 

-إذا ارتكبت خيانة الأمانة من طرف خادم بأجر أو تلميذ أو أحد رجال الكنيسة ، أو كاتب أو عامل وذلك إضرار بمخدومه، فإن مدة الحبس يمكن رفعها إلى عشر سنوات والغرامة إلى 1.000.000 أوقية.

 

 

 

إن هذه الأوصاف لا يمكن أن تنطبق بحال من الأحوال على الرئيس السابق لأنه ببساطة وباعتراف النيابة العامة لم يلجأ إلى الجمهور بوصفه مديرا أو عضوا في مجلس إدارة أوعونا في شركة أو في مشروع تجاري أو صناعي أو لحسابه الخاص ليحصل على أموال أو قيم باسم الوديعة أو الوكالة أو الرهن، كما أن الرئيس السابق ليس خادما بأجر ولا تلميذا ولا رجل كنيسة ...

 

 

 

إن عدم انطباقية المادة 379 على الوقائع محل المتابعة يستلزم تلقائيا عدم إمكانية تسليط العقوبات الواردة في المادة 36 من القانون الجنائي.

 

 

 

ثانيا: قانون مكافحة الفساد

 

سنورد المواد التي أسست عليها المتابعة تباعا ثم نعلق عليها جملة

 

المادة 6 الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية

 

يعاقب بالسجن من خمس ( 5 ) سنوات إلى عشر ( 10 ) سنوات وبغرامة من مليون ( 1.000.000 ) إلى خمسة (5.000.000) ملايين أوقية كل موظف عمومي يقوم بإبرام صفقة أو عقد أو اتفاقية أو ملحقات ذات صلة بها أو يؤشر عليها أو يراجعها مخالفا بذلك الأحكام التشريعية والتنظيمية بغرض منح امتيازات غير مبررة أو الحصول عليها.

 

كما يعاقب بنفس العقوبة كل تاجر أو صناعي أو مقاول من القطاع الخاص وبصفة عامة كل شخص يقوم بإبرام صفقة مع الدولة أو أحد أشخاص القانون العام ويستفيد بصفة غير مستحقة من سلطة أو تأثير أحد موظفي الهيآت المذكورة من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقونها عادة أو من أجل التعديل في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم.

 

يعتبر الشخص أو الكيان الذي يعمل الموظف العمومي لصالحه في الجريمة فاعلا أصليا إلى جانب الموظف العمومي أو مشاركا له.

 

المادة 10 اختلاس الممتلكات أو إتلافها أو تبديدها بوسائل أخرى من طرف موظف عمومي

 

يعاقب بالسجن من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات وبغرامة من خمسة (5.000.000) إلى عشرة ملايين (10.000.000) أوقية كل موظف عمومي يختلس أو يتلف أو يبدد أو يحجز أو يصرف عمدا وبدون وجه حق لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر أية ممتلكات أو أموال أو وثائق مالية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم وظيفته أو بسببها.

 

يعتبر الشخص أو الكيان الذي يعمل الموظف العمومي لصالحه في الجريمة فاعلا أصليا إلى جانب الموظف العمومي أو مشاركا له.

 

المادة 13 استغلال النفوذ

 

يعاقب بالحبس من سنتين (2) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة مالية من خمسمائة ألف (500.000) إلى مليون (1.000.000) أوقية:

 

- كل من وعد موظفا عموميا أو أي شخص آخر بأية منفعة غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر لتحريض ذلك الموظف العمومي أو الشخص على استغلال نفوذه الفعلي أو المفترض لهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية على منفعة غير مستحقة لصالح المحرض الأصلي على الفعل أو لصالح أي شخص آخر.

 

- كل موظف عمومي أو أي شخص آخر يلتمس أو يقبل بشكل مباشر أو غير مباشر أية منفعة غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص آخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من سلطة أو إدارة عمومية على منفعة غير مستحقة.

 

يعتبر الشخص أو الكيان الذي يعمل الموظف العمومي لصالحه في الجريمة فاعلا أصليا إلى جانب الموظف العمومي أو مشاركا له.

 

كل من يلجأ إلى الوساطة أو استغلال النفوذ من أجل الحصول على منفعة أو امتياز غير مستحقين من إدارة أو هيئة عمومية وكذلك كل من يمنح منفعة أو امتيازات غير مستحقة على أساس الوساطة واستغلال النفوذ.

المادة 14 إساءة استغلال الوظيفة

 

يعاقب بالحبس من سنتين (2) إلى خمس (5) سنوات كل موظف أساء استغلال وظائفه أو منصبه عمدا من أجل أداء عمل او الامتناع عن أداء عمل في إطار ممارسة وظائفه على نحو يخرق القوانين والنظم وذلك بهدف الحصول على منفعة غير مستحقة لنفسه أو لشخص أو كيان آخر.

 

المادة 16 الإثراء غير المشروع

 

يعاقب بالحرمان من الحقوق المدنية المنصوص عليها في المدونة الجنائية كل موظف عمومي لا يمكنه تقديم تبرير الزيادة التي طرأت في ذمته المالية مقارنة بمداخيله المشروعة.

 

يعاقب بنفس العقوبة كل شخص ساهم عمدا في التستر على المصدر غير المشروع للممتلكات المذكورة في الفقرة السابقة بأي وسيلة كانت.

 

يعتبر الإثراء غير المشروع المذكور في الفقرة الأولى من هذه المادة جريمة مستمرة تقوم بحيازة الممتلكات غير المشروعة أو استغلالها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

 

المادة 17 إخفاء العائدات الإجرامية

 

يعاقب بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من خمسمائة ألف (500.000) إلى مليون (1.000.000) أوقية كل شخص أخفى عمدا كلا أو جزءا من العائدات المتحصل عليها من إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.

 

المادة 18 إعاقة سير العدالة

 

يعاقب بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من مائتي ألف (200.000) إلى مليون (1.000.000) أوقية:

 

1) كل من استخدم النفوذ أو القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمنفعة غير مستحقة أو عرضها أو منحها للتحريض على الإدلاء بشهادة زور أو منع الإدلاء بالشهادة أو تقديم الأدلة في إجراء يتعلق بارتكاب أفعال مجرمة وفقا لهذا القانون.

 

2) كل من استخدم النفوذ أو القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب لعرقلة التحقيقات والمتابعات وصدور الأحكام بشأن الأفعال المجرمة وفقا لهذا القانون.

 

3) كل من رفض عمدا أو دون تبرير تزويد سلطات الرقابة والبحث والمتابعة والتحقيق والوثائق والمعلومات المطلوبة.

 

التعليق:

 

انطلاقا من قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} وكذلك مبدأي عدم رجعية القانون وشرعية الجرائم والعقوبات الذين فصلنا في شرحهما سابقا فإن جميع الوقائع المتعلقة بمطار أم التونسي وملف العقارات وشركة إنشاء وتركيب الطائرات وشركة سنيم وهيئتها الخيرية وشركة A T T M ومؤسسة أنير وصفقات الإنارة بالطاقة الشمسية فإن قانون مكافحة الفساد لا يمكن بحال من الأحوال تطبيقه على هذه الوقائع نظرا لأنها جميعا حصلت قبل وجود هذا القانون الصادر بتاريخ 15 ابريل 2016.

 

إن المادة 2 من قانون مكافحة الفساد التي تحدد من سيطبق عليهم في فقرتها (ب) تخاطب من يحملون بعض الصفات التي قطعا ليس من بينها صفة رئيس الجمهورية الذي ليس موظفا عموميا ولا موظفا عموميا أجنبيا ولا موظف منظمة دولية أجنبية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لا بد أن نتناول موضوع الوظيفة العمومية والموظف العمومي لنعرف هل بالإمكان إلصاق صفة الموظف العمومي برئيس الجمهورية فالوظيفة العمومية هي خدمة عامة يؤديها موظف عام للأفراد أو للدولة أو أحد فروعها أو مصالحها العامة في نطاق قانوني معين، يحدد علاقته بمن يؤدي لهم هذه الخدمة وعلاقتهم به ومنظم لحقوقه وواجباته، والوظيفة العمومية هي مجموع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين تتألف منهم إدارة الدولة المسيرة للمرافق العامة، ويخضع هؤلاء الأشخاص للقانون الإداري ولعلاقة نظامية، وبهذه الصفة يتمتعون بنظام قانوني خاص يختلف عن قانون الشغل المطبق على العمال وبامتيازات وضمانات مهمة نظرا لكونهم يعملون لخدمة المرافق العمومية والصالح العام.

 

وقد تناول القانون رقم 009\93 الصادر بتاريخ 18 يناير 1993 المتضمن النظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة في الفصل الأول مجال التطبيق والشروط العامة لدخول الوظيفة العمومية فجاءت المادة 2 جديدة لتقول:

 

يطبق هذا الباب على الأشخاص المعينين في وظيفة مدنية دائمة والمرسمين في درجة من سلم إدارات الدولة ومؤسساتها العمومية ذات الطابع الإداري والذين لهم على هذا الأساس صفة موظفين.

 

وجاءت المادة 51 لتقول:

 

المسابقة هي الطريقة القانونية العادية لاكتتاب الموظفين، ويعتبر كل اكتتاب لا يراعي هذه القاعدة لاغيا وعديم المفعول ويمكن سحبه في أي وقت.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

إن الشروط المتطلبة لاكتساب صفة موظف عمومي تتنافى والشروط المتطلبة لرئيس الجمهورية فالموظف العمومي في حالة قانونية ونظامية إزاء الإدارة، ويترتب على الاعتراف بالمركز التنظيمي للموظف العمومي أن الالتحاق بالوظيفة العمومي يتم بقرار إداري، تصدره الإدارة بإرادتها المنفردة، كما أن ترك الوظيفة يتم كذلك بقرار إداري.

 

إن محاولة وصف رئيس الجمهورية بأنه موظف عمومي لا تتماشى وروح ومنطوق المادة 27 من الدستور التي تقول بالحرف:

 

تتعارض مهمة رئيس الجمهورية مع ممارسة أي وظيفة عمومية أو خصوصية ومع شغل منصب قيادي في أي حزب سياسي.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

انطلاقا مما سبق فإن قانون مكافحة الفساد لا يمكن أن يطبق على الوقائع المنشورة أمام محكمتكم الموقرة نظرا لكونها حصلت قبل وجوده، كما لا يمكن تطبيقه على الرئيس السابق نظرا لأنه ليس موظفا عموميا.

 

 

 

ثالثا: القانون المتضمن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

 

المادة 2

 

يعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل من علم أو كان عليه أن يعلم أن الأموال متحصلة من جريمة أصلية، وقام عمدا بأي مما يلي:

 

1) تحويل الأموال أو نقلها أو إجراء أي عملية عليها، بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال، أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية التي تحصلت منها تلك الأموال، على الإفلات من العقوبة.

 

2) اكتساب الأموال أو حيازتها أو استخدامها.

 

3) إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها والحقوق المتعلقة بها.

 

4) الشروع في ارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها في الفقرات 1 و 2 و 3 من هذه المادة أو الاشتراك في ارتكابها بطرق الاتفاق أو تأمين المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو التوجيه أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو التآمر.

 

ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته عن أي جريمة أخرى من جرائم غسل الأموال.

 

يمكن استخلاص عنصري العلم والإرادة لإثبات جريمة غسل الأموال من خلال الظروف الواقعية والموضوعية.

 

المادة 36

 

مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب على الجرائم الواردة في هذا القانون بالعقوبات المقررة لكل منها.

 

المادة 37

 

يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة كل من ارتكب أو شرع في ارتكاب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون.

 

المادة 38

 

تضاعف العقوبات المشار إليها في المادة ( 37 ) عند ارتكاب الجني جريمة غسل الأموال في الحالات التالية:

 

1) باستخدام التسهيلات التي توفرها ممارسة نشاط مهني.

 

2) في حالة العود. وتحسب الإدانات المنطوق بها في الخارج لإثبات العود.

 

3) من خلال تنظيم إجرامي.

 

4) من خلال جمعية أو هيئة لا تهدف إلى الربح.

 

 

 

التعليق:

 

انطلاقا من قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وكذلك مبدأي عدم رجعية القانون وشرعية الجرائم والعقوبات الذين فصلنا في شرحهما سابقا فإن قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بتاريخ 20 فبراير 2019 لا يمكن بحال من الأحوال تطبيقه في القضية المعروضة أمام محكمتكم الموقرة لأنها جميعا حصلت قبل سنة 2019 أي قبل ميلاد هذا القانون.

 

إن الوقائع المفترض أنها حصلت من خلالها أموال غير مشروعة لم تكن جرائم يوم ارتكابها لأن مجال تطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مرتبط ارتباطا عضويا بالجرائم التي يرتكبها المعنيون بقانون مكافحة الفساد الذي يؤسس لجرائم من قبيل:

 

- الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية

 

- اختلاس الممتلكات أو إتلافها أو تبديدها بوسائل أخرى من طرف موظف عمومي

 

- استغلال النفوذ

 

- إساءة استغلال الوظيفة

 

- الإثراء غير المشروع

 

- إخفاء العائدات الإجرامية

 

- إعاقة سير العدالة

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

يتضح مما سبق أن المواد التي تأسست عليها المتابعة يستحيل انطباقها على الوقائع المعروضة على محكمتكم الموقرة وذلك للعديد من الاعتبارات التي تحدثنا عنها في التعليقات السالفة.

 

 

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لقد مثل الكثير من المشتبه بهم في هذه القضية أمام الضبطية القضائية وصرح الكثير من هؤلاء تصريحات بأنه فاعل رئيسي في هذه الوقائع بغض النظر عن اختلافنا حول ما إذا كانت هذه الوقائع مجرمة أم غير مجرمة لكن ما يلفت الانتباه بل ويثير الاستغراب هو إعفاء هؤلاء المعترفين من المتابعة وتحويل الاتهام إلى شخص لم يعترف على نفسه ولم يوجد له توقيع ولم يشهد ضده شخص محايد وتحميله المسؤولية على أنه فاعل رئيسي دون أبسط دليل.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لقد اعترف معالي وزير التهذيب السابق با عثمان بأنه هو من أخرج المدارس محل المتابعة من الخريطة المدرسية، كما اعترف مدير الأمن السابق للأمن الوطني الجنرال أحمد بكرن بأنه أمر بهدم جزء حائط مدرسة الشرطة لتسهيل مهمة وزارة الإسكان، كما اعترف معالي وزير المالية السابق تيام جمبار بأنه هو من وقع إنشاء شركة إنتاج معدات الطيران وأنه من منح لها القطعة الأرضية وأن وزارة المالية في عهده هي المسؤولة عن ممتلكات الدولة العقارية، كما اعترف معالي وزير الطاقة السابق محمد عبد الفتاح بأنه هو من فاوض شركة كالباتارو الهندية، كما اعترف حسن اعل بكل الأعمال التي نسبت لشركة سنيم يوم كان مديرها كما الحال بالنسبة لشركة إنشاء معدات الطيران، كما اعترف ابراهيم امبارك محمد المختار بكل الأعمال التي نسبت لشركة سنيم يوم كان مديرها، كما اعترف معالي وزير المالية السابق المختار اجاي بأنه وقع ملحق قرض سنيم لشركة النجاح أبلغ الرئيس السابق ببيع المدارس وأنه في بعض الأحيان يطلب من الوزير المكلف بالميزانية منح قطع أرضية لبعض النواب والشيوخ، كما اعترفت معالي وزيرة الإسكان السابقة آمال مولود بأنها هي من اقترحت على الرئيس السابق إضافة أشغال ساحة الحرية وبناية من تسعة طوابق على طريق صكوك، والقائمة تطول.

 

 

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لماذا لم يتابع هؤلاء المعترفون والموقعون إذا كانت هذه الوقائع فعلا مجرمة؟

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

على الرغم من اعترافات هؤلاء على أنفسهم والتي سنبينها تفصيلا حين قراءة محاضر البحث والتحقيق فما زالوا خارج المسطرة لسبب لا يستساغ منطقا ولا قانونا فإذا كانت هذه الأفعال مجرمة فإن الأولى بالمتابعة عليها هم المعترفون بها والموقعون عليها، وإذا كانت غير مجرمة كما هو واضح من خلال تفاصيلها فلا داعي لمتابعة الغير بشأنها.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

قبل قراءة هذه المحاضر سيتبين لنا أن خلفية أسئلة التحقيق والمحكمة تنطلق دائما من محاضر الضبطية القضائية وإحالات من مسؤولين لمسائل تدخل في اختصاصاتهم، وفي بعض الأحيان تتناقض تصريحات بعضهم أمام التحقيق مع تصريحاتهم أمام الضبطية القضائية.

 

 

 

كما تجدر الإشارة إلى أن التحقيق يبدو أنه يفضل ما ورد في محاضر الضبطية القضائية على ما يصرح به المعنيون أمام التحقيق نفسه، محافظا على ما عودنا عليه من إطلاق التهم الجزافية دون أن يقدم عليها أي دليل، ومتسترا في نفس الوقت خلف أسئلته التقريرية المؤسسة على جملته الشهيرة: "التحقيق لديه معلومات".

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لقد بدأت هذه المسطرة بمحضر التكليف بالبحث الابتدائي الذي أعدته النيابة العامة والمؤسس على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية والذي ذكرت محكمتكم الموقرة أنه أي تقرير لجنة التحقيق البرلمانية ليس من ضمن وثائق الملف.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

نبدأ قراءة هذه المحاضر والتي ستلاحظون أن كل التصريحات الموجودة فيها قسمان قسم يتعلق باعتراف المصرح على نفسه بارتكاب وقائع بغض النظر عن تجريمها من عدمه وهذا شأن المصرح تجاه نفسه وقسم يدعي قائله على غيره دون أن يقدم دليلا على ادعائه. والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

أولا: المنطقة الحرة

 

محضر بحث ابتدائي رقم 19\001\2021 يتضمن الاستماع ل 30 شخصا .

 

ورد في ملف المنطقة الحرة 30 محضرا لم يرد ذكر الرئيس السابق في 26 محضرا منها بينما ورد ذكره في 4 محاضر فقط وكانت كما يلي:

 

1) محمد محفوظ كركوب (رجل أعمال) ورد ذكر الرئيس السابق حين ادعى ولد كركوب أن الرئيس استدعاه وأبلغه أن عليه طي صفحة القطع الأرضية التي تنازعه فيها المنطقة الحرة.

 

2) الناني اشروقه (وزير سابق للصيد)

 

ورد ذكر الرئيس السابق حين ادعى ولد اشروقه أن ممثلي الشركة الإسبانية زاروا القصر الرئاسي.

 

3) المختار أحمد بوسيف (مدير سابق لشركة توزيع الأسماك)

 

لم يرد فيه اسم الرئيس السابق وإنما وردت صفته عرضا حين ادعى ولد بوسيف أنه طلب من الوزير أن يكلم الرئيس في شأن شركة توزيع الأسماك.

 

4) الناجي محمد الصغير (رجل أعمال)

 

 

 

التعليق:

 

هذه التصريحات ليس في مضمونها ما يخالف القانون وهي لا تلزم إلا قائليها على الرغم من أنه يستشف من بين ثنايا أسئلة الضبطية القضائية أنها تبحث عن إجابات لم يتبناها المصرحون، وقد عمل التحقيق والمحكمة على تجاهل هذه التصريحات بدليل أنه لا التحقيق ولا المحكمة استدعوا هؤلاء المصرحين، الذين لو تم استدعاؤهم لربما صرحوا بما صرح به المصرح الرابع الناجي محمد الصغير الذي صرح أمام محكمتكم بان جميع ما في محضر الشرطة لا أساس له من الصحة خصوصا أن ما نسب إليه في المحضر غير موقع من طرفه.

 

 

 

إن القطعة التي يدعي ولد كركوب ممنوحة له من جهة غير مختصة هي الوالي وحين سأل التحقيق رئيس المنطقة الحرة السابق محمد ولد الداف أجاب بالحرف... هذه القطع الأرضية تقع في المنطقة الصناعية المسماة ZAC وهي قبل المنطقة الحرة تدخل في صلاحيات وزير المالية عكس المدينة الأخرى التي هي من صلاحيات الوالي.... وختم ولد الداف بالقول ... لم يعطني الرئيس أي تعليمات كما أنني لم يسبق له أن أعطاني تعليمات مخالفة للقانون.

 

 

 

ثانيا: صفقات صوملك

 

محضر بحث ابتدائي رقم 41\001\2021 يتضمن الاستماع إلى 11 شخصا بالإضافة إلى الرئيس السابق.

 

ورد في ملف صفقات صوملك 11 محضرا لم يرد ذكر الرئيس السابق في 4 محاضر منها، بينما ورد ذكره في 7 محاضر وكانت كما يلي:

 

1) محمد سالم أحمد ابراهيم فال

 

ورد ذكر الرئيس السابق مرة واحدة حين ادعى ولد ابراهيم فال أنه علم بلقاء الرئيس بالشركة الهندية، وهنا نضيف أيضا تصريح المعني أمام التحقيق والمحكمة لنجد أنه لم يرد أي ذكر للرئيس السابق في تصريحات ولد ابراهيم فال أمام المحكمة، أما أمام التحقيق فقد ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 5 من محضر استجواب ولد ابراهيم فال عندما سأله التحقيق:

 

هل كلمه الرئيس السابق أو أحد من أسرته في موضوع صفقتي الإنارة ومنحهما لشركة JOY SOLAR ؟.

 

فكانت الإجابة:

 

لا أبدا لم أتلق أي تعليمات من الرئيس السابق ولا من أحد آخر.

 

كما تم ذكر الرئيس السابق في الصفحة 12 من نفس محضر الاستجواب عندما سأل التحقيق ولد ابراهيم فال هل كان على علم بلقاء الرئيس السابق مع ممثلي شركة كالباتارو الهندية ؟.

 

فكانت الإجابة:

 

لا علم لي بذلك.

 

بخصوص تصريحات ولد ابراهيم فال أمام محكمتكم فلم يضف جديدا

 

 التعليق:

 

لم ينسب ولد ابراهيم فال للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

2) محمد عبد الفتاح

 

يدعي ولد عبد الفتاح أن الرئيس استدعاه ووجد معه ممثلي شركة كالباتارو الهندية وأن الرئيس وبخهم بسبب تأخرهم في تنفيذ المشروع، كما ادعى أنه حين توصل بعرض الشركة المتمثل في 110 مليون دولار بدل 147 مليون دولار وقدم التفاصيل للرئيس أعطاه تعليمات بالبدء في تنفيذه.

 

 

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد عبد الفتاح للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

لم يمثل ولد عبد الفتاح أمام التحقيق ولا المحكمة وهو ما يعني أن المحكمة لا تعير أي اهتمام لشهادته.

 

 

 

3) سليمان داداه

 

لم يرد فيه أي ذكر للرئيس إلا مرة واحدة حين ادعى ولد داداه أن محسن الحاج قال له باللهجة الحسانية (سلم اعليكم الرئيس محمد عبد العزيز وقال لكم أن تتركوا الهنود وإلا لاه يحبسكم).

 

لم يمثل ولد داداه أمام التحقيق وحين مثل أمام محكمتكم كرر نفس الموضوع مع إضافة أنه أخبره ممثل الشركة الهندية في دبي بأن شركتهم حظر عليها التعامل في موريتانيا مع أي ممثل موريتاني.

 

 

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد داداه للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

4) محمد سيد امبارك امصبوع

 

لم يرد فيه ذكر الرئيس إلا حين سئل إذا كان حصل لقاء بين الرئيس والهنود فأجاب أنه لم يحصل عن طريق زوجته، كما أنه أكد أن الهنود لم يكن لهم علم بصفته كصهر للرئيس، وهنا نضيف أيضا تصريح المعني أمام التحقيق والمحكمة لنجد أنه لم يرد أي ذكر للرئيس السابق في تصريحات ولد امصبوع أمام المحكمة إلا حين قال بأنه يعتبر علاقته بالرئيس السابق مصدر فخر، على الرغم من أن تلك العلاقة بالنسبة له كانت عائقا أمام تقدمه الوظيفي في شركة سنيم، أما أمام التحقيق فقد ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحتين 7 و 8 من محضر استجواب ولد امصبوع المعد بتاريخ 10\06\2021 عندما سأله التحقيق:

 

هل أعاد مبالغ العملة الصعبة للرئيس السابق ؟.

 

فكانت الإجابة:

 

لم يسبق لي أن أخذت مبالغ مالية من الرئيس السابق.

 

هل حصلت على أغلب ممتلكاتك في فترة الرئيس السابق ؟.

 

فكانت الإجابة:

 

أنا تاجر ... وأتذكر أنني اشتريت سنة 2008 عددا من السيارات في حدود 100 سيارة.

 

كما ورد ذكر الرئيس في الصفحة 1 من محضر استجواب ولد امصبوع المعد بتاريخ 14\06\2021 عندما سأله التحقيق مستنتجا من محضر الضبطية القضائية:

 

كيف ساعده الرئيس وهل كانت مساعدته بفوائد ؟.

 

فكانت الإجابة:

 

هذه التصريحات قلتها أمام الشرطة تحت التهديد بالقتل وأجيرت على التوقيع عليها وليست صحيحة والرئيس السابق لم يساعدني بأي مبلغ.

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد امصبوع للرئيس السابق ما يخالف القانون وبما أن جميع أسئلة التحقيق منبثقة من محاضر الشرطة التي أنكرها ولد امصبوع جملة وتفصيلا فلم يعد هناك ما يبرر الاستئناس بها وبالتالي فلا داعي لمواصلة قراءة الاستجوابات المترتبة عليها.

 

5) شريدر شاندار (مدير شركة كالباتارو)

 

ورد في سؤاله أن صفقة كالباتارو سبقتها بعض الصعوبات وأنها ذهبت إلى الرئيس السابق في الموضوع، ولم يرد في جواب المدير أي ذكر للرئيس، وحين سئل عن أسماء ممثلي الشركة الذين التقوا الرئيس أجاب بأن هذه مجموعة متخصصة في إبرام الصفقات في مقر الشركة في الهند.

 

التعليق:

 

لم ينسب شريدر شاندار للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

والتحقيق ومحكمتكم لم يمثل أمامهما

 

 

 

6) يرك امبوه (سمسار)

 

لم يرد فيه أي ذكر للرئيس إلا مرة واحدة حين ادعى ولد امبوه أن محسن الحاج قال له باللهجة الحسانية (سلم اعليكم ولد عبد العزيز وقال لكم أن تتركوا الهنود لا اتليتو اتمشولهم الشرطة تبتزوهم وإلا سيسجنكم).

 

التعليق:

 

لم ينسب السمسار يرك للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

وقد ادعى على محسن الحاج وهو ادعاء يبدو أن التحقيق كما محكمتكم لم يرتبا شيئا على تصريحه.

 

 

 

7) عبد الجليل صلي (سائق الهنود)

 

لم يرد فيه أي ذكر للرئيس وإنما تحدث عن نقله للهنود إلى القصر الرئاسي مرة واحدة وأنهم قضوا هناك ساعة واحدة.

 

لم ينسب عبد الجليل صلي للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

ولم يمثل أمام التحقيق ولا أمام محكمتكم

 

 

 

 

 

ثالثا: هيئة الرحمة

 

محضر بحث ابتدائي رقم 01\02\2021 يتضمن الاستماع إلى 9 أشخاص.

 

وردت في ملف هيئة الرحمة 9 محاضر لم يرد ذكر الرئيس في 6 محاضرمنها، بينما ورد ذكره في 3 محاضر وكانت كما يلي:

 

1) بدر محمد عبد العزيز (رئيس هيئة الرحمة)

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى بدر أنه على وجهة تسيير الهيئة بينما تسييرها الفعلي من اختصاص الوالد عن طريق محمد المشري صالح.

 

التعليق:

 

هذا المحضر غير موقع من طرف المصرح بدر وهو شخصيا لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام محكمتكم، وهو ما يعني أن التحقيق والمحكمة لم يرتبا عليه أي شيء.

 

 

 

2) جالو آمدو (منسق هيئة الرحمة سابقا)

 

يدعي جالو أن الرئيس أرسل له مع محمد المشري صالح إن كان يرغب في مواصلة العمل مع الهيئة وواصل معهم 3 أو 4 أشهر يقول جالو آمدو.

 

لم ينسب جالو آمدو للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 ولم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة.

 

 

 

3) محمد عبد الله ادياه

 

يدعي ولد ادياه أن بدر استدعاه إلى الرئاسة بعد وفاة أحمدو بيومين أو ثلاثة وأنه وجد الرئيس السابق الذي أمره بتسليم كل الممتلكات التي بحوزته باسم المرحوم أحمدو لبدر وأنه استجاب لكل ذلك وسلم ما كان بحوزته يقول ولد ادياه.

 

لم ينسب ولد ادياه للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

ولم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة.

 

 

 

 

 

رابعا: ملف العقارات

 

يتساءل التحقيق عن الأسباب والدوافع الاقتصادية لبيع القطع والمدارس.

 

التعليق:

 

يدخل هذا النوع من التصرفات في إطار السلطة التقديرية للقائمين على الشأن العام، والمناط في ذلك تحدده الظروف الزمانية والمكانية للتصرف نفسه، ولا يوزن بغير ذلك إطلاقا.

 

 

 

محضر بحث ابتدائي رقم 21\001\2021 يتضمن الاستماع إلى 25 شخصا.

 

ورد في ملف العقارات 25 محضرا لم يرد ذكر الرئيس في 21 محضرا منها، بينما ورد ذكره في 4 محاضر وكانت كما يلي:

 

 

 

1) تيام جامبار

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى جامبار أن قرار بيع العقارات أخذه الرئيس.

 

لم يمثل تيام أمام التحقيق وأمام المحكمة قال إن الموضوع المتعلق بالعقارات تم اتخاذه في مجلس الوزراء.

 

 

 

 

 

التعليق:

 

لم ينسب تيام جمبار للرئيس السابق ما يخالف القانون لكن السؤال المطروح هو:

 

هل يمكن للقضاء العادي مساءلة مجلس الوزراء؟

 

 

 

2) أحمد سيدي بكرن

 

يدعي ولد بكرن أن الرئيس اتصل به وأبلغه أن الدولة أخذت الجزء الجنوبي من مدرسة الشرطة وأن مبعوثا من وزارة الإسكان سيحضر إليه، وأكد أمام التحقيق وأمام المحكمة بأنه تم إبلاغه بقرار بيع المدرسة المذكورة، حين اتصل به الرئيس السابق وأبلغه أن الدولة أخذت الجزء الجنوبي المطل على شارع المختار داداه ( وقد اشترطنا يقول ولد بكرن على وزارة الإسكان أن لا تبدأ بهدم حائط المدرسة إلا بعد بناء الحائط الجديد المحدد للحدود الفاصلة بين المدرسة والأراضي المستقطعة ، وفعلا التزموا بهذا الشرط، وقد اتصلت يقول ولد بكر بمدير مدرسة الشرطة من أجل تسهيل مهمة وزارة الإسكان).

 

نفس التصريح أكده ولد بكرن أمام التحقيق وأمام محكمتكم

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد بكرن للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

وإن كان اعترف على نفسه بأنه اتصل بمدير مدرسة الشرطة وأمره بهدم الحائط من أجل تسهيل مهمة وزارة الإسكان.

 

 

 

3) محمد الأمين بوبات

 

حين سئل ولد بوبات الأسئلة أدناه أجابها بما يلي:

 

س\ من أمر ببناء هذه المصحة؟ أجاب: محمد عبد العزيز

 

س\ لمن تعود القطعة المشيدة عليها المصحة؟ أجاب: ملك لي ومحمد عبد العزيز أبلغني أنه سيشتريها من عندي في وقت لاحق.

 

س\ من أين يأتي تمويل هذا المشروع؟ أجاب: من رجل الأعمال بهاي غده.

 

س\ ما هي تفاصيل عملية شراء القطع الأرضية؟ أجاب: تلك القطع اشتريتها وبدأت في بنائها من أموال شركة I P R وفي فترة لاحقة بدأنا في توزيع المبالغ المتحصل عليها من أرباح هذه الشركة بين الشركاء الثلاث، وناقشت الأمر مع الرئيس السابق الذي أرسل لي أخاه سيد أحمد عبد العزيز.

 

ولد بوبات أكد تصريحه أمام التحقيق مضيفا عند سؤاله عن تفاصيل مصنع تقشير الأرز في روصو أجاب بأنه ملك للمرحوم أحمدو وبعد وفاته يقول ولد بوبات اتصل علي الرئيس وقابلته وأمرني بتسيير المصنع بالإضافة إلى البنايات الموجودة في مدرسة الشرطة والتي تنازلت عنها لصالح المرحوم أحمدو، وقد نفى ولد بوبات أي علاقة مالية له مع الرئيسن ولم يضف ولد بوبات أي جديد أمام المحكمة.

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد بوبات للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

4) إبراهيم أحمد سالم غده

 

يدعي ولد غده أنه أثناء الحملة الانتخابية 2009 أصبح الرئيس يستودعه مبالغ تصله في بعض الاحيان عن طريق رجال أعمال مساهمة منهم في الحملات ومبالغ مساعدة مني شخصيا في هذه الحملات يقول ولد غده، وفي بعض الأحيان يرسل إلى مبالغ مع ابنيه المرحوم أحمدو وبدر أو عن طريق رجل يدعى مولاي اعل وأصبحت هذه المبالغ تتراكم عندي.

 

س\ ما هي تفاصيل تمويلك لبناء العيادة؟

 

ذكر لي الرئيس أنه سيبني عيادة لإحدى بناته وأن علي أن أعطي لولد شروك مبلغ 1.334.000.000 أوقية قديمة، ومنذ ذلك الحين باشر معي ولد شروك العمل وكان الرئيس يتصل علي في كل مرة يكون ولد شروك بحاجة إلى مبلغ، ولم يبق من هذا المبلغ إلا 80.000.000 أوقية قديمة.

 

س\ج ليست لي شراكة مع ولد عبد العزيز ولا مع أحد من أفراد أسرته.

 

س\ج هذه المبالغ تراكمت منذ سنة 2008.

 

ولد غده أكد تصريحه أمام التحقيق وأمام المحكمة.

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد غده للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

خامسا: ملف سنيم

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

إن شركة سنيم شركة مستقلة إداريا وماليا ولها السلطة التقديرية في تصرفاتها ولها هيآتها (مجلس إداري، إداري مدير عام...). المسؤولة عن أي خلل يترتب على ذلك.

 

وكلما يتعلق بخيرية سنيم بدءا ببناء المعهد ومرورا بصفقة الأعلاف وانتهاء ببناء مستشفى نواذيبو بالإضافة إلى تعديل نظامها الأساسي ليشمل تدخلها كافة التراب الوطني، هو إنجازات وارية للعيان وباقية للمواطنين وكان الأولى بجميع المسؤولين الذين ساهموا في إنجازها أن يفخروا بالمشاركة في إنجازها بدل اعتبارها جرما مرتكبا من طرف شخص آخر.

 

محضر بحث ابتدائي رقم 31\001\2021 يتضمن الاستماع إلى 28 شخصا.

 

ورد في ملف سنيم 28 محضرا لم يرد ذكر الرئيس في 13 محضرا منها، بينما ورد ذكره في 15 محضرا وكانت كما يلي:

 

1) محمد عبد الله أوداعه

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد أوداعه أنه تلقى تعليمات من الرئيس من قبيل توظيف محمد امصبوع في شركة سنيم، كما ادعى أن الرئيس أمره بييع حصة سنيم في شركة الضمان لصالح الدولة، وكذلك منح سلفة بمبلغ 15 مليار أوقية قديمة لشركة النجاح، معترفا أن كل ذلك تم وفق قوانين شركة سنيم، كما ادعى تعليمات من الرئيس بخصوص مصنع لكرانيت التابع لشركة سنيم، معترفا أن الرئيس لم يصدر له أي تعليمات تتعلق بالوسطاء.

 

 

 

في محضر استجواب ولد أداعه المعد يوم 17\05\2021 ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 6 من هذا المحضر حين سأله التحقيق عن أوامر شفهية يدعي أنه تلاقاها من الرئيس السابق حول بناء فندق 5 نجوم التابع لشركة سنيم وكانت إجابته:

 

لا أتذكر أنني قدمت وجهة نظر للرئيس السابق بخصوص أوامره، ودراسة الجدوى هي التي يمكنها إعطاء فكرة عن جدوائية المشروع.

 

كما ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 7 من نفس المحضر حين سأل التحقيق ولد أداعه هل من ضمن التعليمات التي تلقاها:

 

توظيف محمد امصبوع في شركة سنيم ؟.

 

أجاب بأن اكتتاب ولد امصبوع كان بتعليمات من الرئيس السابق وتم طبقا لقانون الشركة وغادر سنيم وهو في مستوى C 1 عند اكتتابه.

 

وفي الصفحة 8 من نفس المحضر ورد ذكر الرئيس السابق حين سأل التحقيق ولد أوداعه عن تحويل ولد امصبوع إلى باريس فأجاب:

 

حولته إلى باريس كإطار عادي C 1 وليس له دور في المشتريات ولا في المفاوضات ولا في الصفقات ووظيفته كانت هامشية.

 

وفي الصفحة 8 أيضا ورد ذكر الرئيس حين سأل التحقيق ولد أوداعه عن عرض شركة محي الدين الصحراوي لشراء مصنع لكرانيت فأجاب:

 

الصفقة لم تتم بسبب عدم الاتفاق مع سنيم وبخصوص مصنع لكرانيت ما زال يعمل.

 

وفي الصفحة 11 من نفس المحضر ورد ذكر الرئيس السابق حين سأل التحقيق ولد أوداعه عن السلفة التي قدمتها سنيم لشركة النجاح بخصوص المطار فأجاب:

 

سنيم تقرض الدولة عن طريق سندات الخزينة وفي هذه الفترة كانت تتوفر على مداخيل، وهذا القرض تم بطلب من الدولة والاتفاقية تم توقيعها مع الدولة، وقد وافق مجلس إدارة سنيم عليها.

 

وفي الصفحة 13 من نفس المحضر ورد ذكر الرئيس السابق في معرض الحديث عن شراء الأعلاف لسنتي 2012 و2014 وقد أجاب ولد أوداعه:

 

بالنسبة لسنة 2012 خصص مجلس إدارة سنيم مبلغا لدعم برنامج أمل وتم شراء 20 ألف طن من القمح في إطار استشارة محلية فازت بها شركة المطاحن الكبرى وتم تسليمها لمفوضية الأمن الغذائي وكان ذلك بأوامر من الرئيس السابق.

 

وفي الصفحة 14 من نفس المحضر ورد ذكر الرئيس السابق حين تناول التحقيق عدم مطابقة الأعلاف للمعايير فأجاب ولد أوداعه:

 

بخصوص الأعلاف كانت هناك تعليمات من رئيس الجمهورية السابق بشراء الأعلاف وبخصوص جودتها وعدم صلاحيتها فلا أعرف عنه أي شيء.

 

وفي الصفحة 14 من نفس المحضر ورد ذكر الرئيس السابق في معرض الحديث عن إنشاء مستشفى الفيروسات فأجاب ولد أوداعه:

 

المستشفى تم بتعليمات مباشرة من رئيس الجمهورية السابق.

 

لم يضف ولد أوداعه أمام المحكمة أي جديد سوى أن اكتتاب محمد امصبوع رافقه اكتتاب أكثر من 600 شخص.

 

لم ينسب ولد أوداعه للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

مؤسسا تصريحاته على نظم وقوانين شركة سنيم

 

 

 

2) الطالب عبدي فال

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد عبدي فال أن الرئيس ذكر له ان أجانب سيتصلون به في قضية تتعلق بمنجم افديرك.

 

في محاضر التحقيق مع الطالب عبدي فال ورد ذكر الرئيس السابق حين استعرض التحقيق في الصفحة 2 من المحضر المعد بتاريخ 20\05\2021 موضوع إنارة الشوارع العمومية بالطاقة الشمسية فكانت إجابة ولد عبدي فال:

 

لم تكن هناك تعليمات مباشرة من رئيس الجمهورية السابق، أما بالنسبة لصوملك فيفوضها نظامها الأساسي القيام بذلك.

 

ولد عبدي فال لم يضف جديدا أمام محكمتكم

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد عبدي فال للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

3) حسن اعل

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى حسن اعل أن الرئيس أمره بحضور اجتماع مجلس إدارة سنيم في باريس وأنه سيعين عليها، وبعد عودته وتعيينه قابل الرئيس الذي طلب منه أن يحاول ألا تفلس سنيم، معترفا أن الرئيس لم يصدر له أي تعليمات، مدعيا في نفس الوقت أن انه اقترح على الرئيس أن تبيع سنيم مقرها للبنك المركزي، لأن بنايته مكلفة، كما ادعى أن الرئيس أبلغه بأن بعض الأشخاص سيتصلون به في قضية منجم افديرك.

 

 

 

في محاضر التحقيق مع حسن ولد اعل ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 2 من المحضر المعد يوم 24\05\2023 في معرض حديثه عن تعيينه إداريا مديرا عاما لشركة سنيم وأنه قابل الرئيس السابق الذي طلب منه أن يحاول أن لا تفلس شركة سنيم، كما ورد ذكر الرئيس السابق حين سأل التحقيق ولد اعل:

 

هل أمرك الرئيس السابق محمد عبد العزيز بأي تعليمات تتعلق بتوظيف أو عقد صفقات في فترتكم؟

 

فكانت إجابته:

 

لا لم يقدم لي أي تعليمات تتعلق بذلك.

 

كما ورد ذكر الرئيس في الصفحة 3 من نفس المحضر في معرض الحديث عن بناية سنيم وأن ولد اعل اقترح على الرئيس السابق ومحافظ البنك المركزي بيع البناية للبنك المركزي، وهو ما تم بالفعل.

 

كما ورد ذكر الرئيس في الصفحة 3 من نفس المحضر في معرض الحديث عن منجم افديرك وأن هذا المنجم لم يؤجر ولم يتم بيعه.

 

كما ورد ذكر الرئيس في الصفحة 3 من نفس المحضر في معرض الحديث عن وسطاء بيع الحديد وأكد ولد اعل أن الرئيس السابق لم يعطه أمرا ببيع الحديد.

 

لم يضف حسنا اعل أمام المحكمة أي جديد

 

التعليق:

 

لم ينسب حسنا اعل للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

4) إبراهيم امبارك محمد المختار

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد امبارك أنه قدم خطة للرئيس الذي أعطى بدوره الضوء الأخضر للبحث عن حلول كما ادعى أنه اقترح على الرئيس استرجاع مصنع لإنتاج لكرانيت لعجز شركة النجاح عن تسديد دينها، معترفا بأن الرئيس لم يعطه تعليمات محددة بشان أشخاص محددين.

 

ولد امبارك لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة، وهو ما يعني أن التحقيق والمحكمة لم يرتبا شيئا على تصريحه.

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد عبدي فال للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

5) محمد سالم ولد البشير

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد البشير أنه أخبر الرئيس السابق بوضعية أبناء محمد امصبوع في باريس وأن الرئيس أمره بالاستمرار في تحمل تلك التكاليف.

 

في محضر التحقيق مع ولد البشير المعد يوم 29\04\2021 ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 3 من هذا المحضر وذلك في سياق الحديث عن مستشفى الفيروسات حين ادعى ولد البشير أنه اتصل بالرئيس السابق الذي كلفه بمواكبة أشغال المستشفى مع وزارتي المالية والصحة.

 

كما وردت صفة الرئيس السابق في الصفحة 4 من نفس المحضر حين سأل التحقيق ولد البشير السؤال التالي:

 

هل تستطيع أن تؤكد لنا أنك لم تتلق تعليمات من الرئيس السابق أو توجيه منه للشراكة مع أشخاص معينين؟

 

فكانت إجابة ولد البشير

 

لقائي مع رئيس الجمهورية السابق كان حول إطلاعه على تقدم المشروع ولم تكن هناك أي توجيهات تتعلق بالشراكة.

 

لم يضف ولد البشير جديدا أمام المحكمة

 

التعليق: لم ينسب ولد عبدي فال للرئيس السابق ما يخالف القانون.

 

 

 

6) المختار اجاي

 

تحدث ولد اجاي عن الرئيس في معرض حديثه عن ملحق قرض مع شركة النجاح حين اتصل بالوزير الأول ولد حد أمين والرئيس وتأكد أنهما على علم بالموضوع.

 

في محضر التحقيق مع ولد اجاي المعد يوم 27\05\2021 ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 2 من هذا المحضر وذلك في سياق الحديث عن بيع بعض المدارس (التي قال ولد اجاي أنه لم يكن يتوقع حجم العوائد المادية التي تحصلت من عملية المزاد العلني الناجح والشفاف) وذلك حين سأل التحقيق ولد اجاي السؤال التالي:

 

سؤال: فعلا أبلغت الرئيس السابق محمد عبد العزيز بما قال لي الوزير الأول بشأن بيع المدارس فكيف كان رد الرئيس السابق، وهل طلب منك تنفيذ تعليمات الوزير الأول؟

 

فكان رد ولد اجاي

 

لا أتذكر أنه طلب مني تنفيذ تعليمات الوزير الأول، وفهمت أنه كان على علم بها.

 

كما ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 3 من نفس المحضر حين ادعى ولد اجاي أنه في بعض الأحيان يكلفه الرئيس السابق أو الوزير الأول بأن يطلب من الوزير المكلف بالميزانية منح قطع ارضية أقل من 1.000 متر مربع لبعض النواب والشيوخ مثل الشيخة المعلومة الميداح، كما ذكر ولد اجاي في نفس الصفحة أنه طلب من الرئيس السابق منح قطع أرضية لبعض العمال ووافق على ذلك وأوصل ولد اجاي الأمر إلى الوزير المكلف بالميزانية.

 

كما ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 6 من نفس المحضر حين سأل التحقيق ولد اجاي السؤال التالي:

 

سؤال: هل أمرك الرئيس السابق محمد عبد العزيز بأي تعليمات تتعلق بتوظيف أو عقد صفقات في فترتكم؟

 

وكان رد ولد اجاي

 

لم يلزمني قط الرئيس السابق بأي تعليمات مخالفة للقانون ... الخ

 

 

 

كما ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 11 من نفس المحضر حين استعرض التحقيق قضية دمج شركة A T T M ومؤسسة أنير وسأل التحقيق ولد اجاي السؤال التالي:

 

هل تلقيتم تعليمات من الرئيس السابق في هذا الصدد؟

 

فكانت إجابة ولد اجاي

 

لا أبدا لم أتلق أي تعليمات من الرئيس السابق...الخ

 

كما ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 13 من نفس المحضر حين سأل التحقيق ولد اجاي السؤال التالي:

 

هل في نظرك في تلك الفترة يمكن لأي وزير مالية أن يمنح قطعا أرضية دون علم الرئيس؟

 

وكان جواب ولد اجاي

 

لا يمكن أن أتحدث باسم وزراء المالية، ولكن كان باستطاعتي أن أمنحها دون علم الرئيس في حدود صلاحيتي ولكني لم أفعلها.

 

كما ورد ذكر الرئيس السابق في الصفحة 5 من المحضر المعد بتاريخ 31\05\2021 في معرض الحديث عن من يملك شركة M T C  حين سأل التحقيق ولد اجاي السؤال التالي:

 

هل تلقيت تعليمات من الرئيس السابق محمد عبد العزيز في هذا الصدد؟

 

فأجاب ولد اجاي

 

لا أبدا.

 

ولد اجاي لم يحضر أمام المحكمة،

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد اجاي للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

7) إبراهيم عبد الله رافع (من شركة سنيم)

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد رافع أن قرارات مجلس إدارة شركة سنيم المهمة يتم بحثها من طرف المدير العام للشركة مع رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، كما ادعى أنه لا يمكنه معارضة أي قرار يقدمه المدير العام لكونها تحدث بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ومن ذلك مثلا بيع شركة التأمين (التضامن).

 

ولد رافع لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة.

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد رافع للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

8) جبريل حمادي انيانك (من شركة سنيم)

 

لم يرد ذكر الرئيس إلا حين سئل هل يعتقد أن شركة سنيم كانت تدار من الرئيس وكان جوابه حرفيا: لا علم لي بذلك.

 

جبريل انيانك لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة.

 

لم ينسب انيانك للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

9) آمال مولود (وزيرة الإسكان سابقا)

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعت آمال أنها ناقشت موضوع ملحق القرض المتعلق بشركة النجاح مع الرئيس الذي ادعت انه بين لها أن سنيم تطالب شركة النجاح بقرض ناتج عن أشغال المطار وادعت انه قدم لها مقترحا يقضي ببناء الجامع الكبير من طرف شركة النجاح مقابل ما تبقى من القرض، كما ادعت أنها اقترحت عليه إضافة أشغال ساحة الحرية وبناية من تسع طوابق على طريق صكوك فوافق على المقترح، وحين سئلت هل كان الرئيس على علم بالموضوع أجابت:

 

 أعطاني الرئيس التعليمات لإيجاد حل لموضوع ديون سنيم المستحقة على شركة النجاح.

 

 

 

منت مولود لم تحضر أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم تنسب منت مولود للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

10) يحي ولد حد أمين

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد حد أمين أن علاقة مدير سنيم مباشرة مع رئيس الجمهورية، وحين سئل هل نقل تعليمات من الرئيس لمديري سنيم أجاب حرفيا:

 

لا، لم أنقل لهم أي تعليمات من الرئيس.

 

 

 

في محضر التحقيق المعد يوم 07\04\2021 ورد ذكر الرئيس في الصفحة 2 من هذا المحضر في معرض الحديث عن إنشاء مطار نواكشوط الدولي أم التونسي حين ادعى ولد حد أمين أن الرئيس السابق كلفه بصفته وزيرا للتجهيز والنقل رفقة الوزير سيدي التاه وزير الاقتصاد والتنمية بمفاوضة شركة النجاح حول اتفاقية إنشاء المطار، كما ورد ذكر الرئيس في نفس الصفحة حين سأل التحقيق ولد حد أمين الأسئلة التالية :

 

قرار بناء هذا المطار اتخذه رئيس الجمهورية السابق محمد عبد العزيز قبل إجازته من مجلس الوزراء أم أن القرار اتخذ بعد إجازته من مجلس الوزراء؟

 

فكان جواب ولد حد أمين

 

فعلا أخذه رئيس الجمهورية قبل إجازته من مجلس الوزراء.

 

هل كنتم في كل مرحلة من مراحل المفاوضات مع شركة النجاح تراجعون الرئيس السابق ويعطيكم التعليمات التي يجب أن تتبعوها؟

 

فكان جواب ولد حد أمين:

 

نعم فعلا كنا نرجع إليه

 

إذا يمكن أن نستخلص أن التنازل عن قطع أرضية مقابل بناء هذا المشروع كان بأوامر من رئيس الجمهورية السابق محمد عبد العزيز؟

 

فكان جواب ولد حد أمين

 

فعلا كان بأمر منه

 

كما ورد ذكر الرئيس في مؤتين في الصفحة رقم 5 من نفس المحضر في معرض الحديث عن دمج شركة A T T M ومؤسسة أنير 2018 حين قال ولد حد أمين أن الرئيس السابق استدعاه وقال له أن الدولة تريد دمج المؤسستين وأن قرار الدمج كان بأوامر مباشرة من الرئيس السابق.

 

وفي الصفحة 6 من نفس المحضر ورد ذكر الرئيس السابق حين كرر ولد حد أمين أن الدمج تم بتعليمات من الرئيس وقد تمت قراءة بيان بذلك في مجلس الوزراء الذي وافق عليه.

 

التعليق:

 

إقرار الدمج مستند على المرسوم رقم 157/2007 الصادر بتاريخ 06/09/2007.

 

والمرسوم نفسه يرجع قرار الدمج إلى مجلس الوزراء أو أوامر رئيس الجمهورية، وهو ما يعني أن الدمج تم طبقا للقانون.

 

 

 

لم يضف ولد حد أمين أمام المحكمة أي جديد

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد حد أمين للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

11) محمد عبد الفتاح (وزير الطاقة والمعادن)

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد عبد الفتاح أنه يتم تعيين المدير العام لشركة سنيم بناء على أمر من الرئيس وينفذ بواسطة اقتراح من وزير الطاقة موجه إلى رئيس مجلس إدارة سنيم.

 

ولد عبد الفتاح لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد عبد الفتاح للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

 

 

12) كابه محمد اعليوه (رئيس مجلس إدارة سنيم)

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد اعليوه ان تسيير سنيم بين اثنين فقط هما: رئيس الجمهورية والإداري المدير العام، كما ادعى أن عمارة سنيم تم بناؤها بأمر من الرئيس وأن المدير حسن أبلغهم بموضوع بيع هذا المقر للبنك المركزي بناء على أمر من الرئيس، وحين عدد أسماء المساهمين في فندق 5 نجوم قال حرفيا: وحسب الكواليس فإن المساهم الحقيقي في هذا الفندق هو محمد عبد العزيز.

 

ولد اعليوه لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

لم ينسب ولد اعليوه للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

13) محي الدين أحمد سالك ابوه (رجل اعمال)

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد أحمد سالك أن الشيخ الرضا اتصل بالرئيس في إطار منح قرض لشركتنا يقول محي الدين.

 

لم يضف محي الدين أي جديد أمام التحقيق أو أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب محي الدين للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

14) مولاي أحمد محمد الحافظ مولاي اعل

 

لم يرد ذكر للرئيس إلا حين سئل مولاي اعل عن علاقته بزوجة الرئيس فأكد أنها بنت عمته.

 

لم يحضر ولد مولاي اعل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب مولاي أحمد للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

 15) تيام جامبار (وزير المالية السابق)

 

ورد ذكر الرئيس حين سئل جامبار هل صدرت إليه أوامر من الرئيس تتعلق بتوقيع قرض 15 مليار لشركة النجاح فأجاب بأنه اتصل بالرئيس الذي رخص له بالتوقيع فوقع الاتفاق معترفا انه لم يشارك في المفاوضات وأن الوزير سيدي التاه طلب منه توقيع الاتفاق وهو ما جعله يتصل بالرئيس.

 

لم يضف تيام جمبار أي جديد أمام التحقيق

 

التعليق:

 

لم ينسب جمبار للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

سادسا: ملف ممتلكات الرئيس السابق

 

محضر بحث ابتدائي رقم 010\01\2021 يتضمن الاستماع إلى 20 شخصا.

 

ورد في ملف ممتلكات الرئيس 20 محضرا لم يرد ذكر الرئيس في 9 محاضر منها، بينما ورد ذكره في 11 محضرا وكانت كما يلي:

 

 

 

1) محمد محمود بوبكر أحمد معلوم

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد أحمد معلوم أنه زار القصر الرئاسي 3 مرات التقى خلالها الرئيس مرتين بترتيب من المرحوم أحمدو حول مطالب اجتماعية لصالح المجموعة في أم كفه بمقاطعة تمبدغه لحفر آبار، وحين سئل هل وثق أي عقد أو تنازل باسم الرئيس أجاب:

 

لم يتم في مكتبي توثيق أي عقد يتضمن اسم الرئيس.

 

ولد أحمد معلوم لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد أحمد معلوم للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

2) محمد المشري صالح

 

ورد ذكر الرئيس حين سئل المشري هل ما يوجد في هذه الحسابات مال للرئيس أم لغيره؟

 

فأجاب:

 

مال لمحمد عبد العزيز وابنه بد، وفي محضر الاستماع الثاني وبعد أن سئل عن عمليات الصرف التي يقوم بها لصالح الرئيس تحدث عن بدر وأنه طلب منه مساعدته في بعض الأعمال وحين سرده لتلك المهام عدد منها صرف مبالغ شهرية باسم الرئيس على بناته وأخته فاطم ومانه الحسن أرملة شقيقه أحمدو وعند سؤاله من أين يأخذ المبالغ التي كان ينفق الرئيس عن طريقه أجاب بأن بدر هو من كان يسلمها له وفي حالة غياب بدر كان المشري يستلمها من الرئيس مباشرة، كما ورد ذكر الرئيس حين ادعى المشري أن زوجة الرئيس دفعت له مبلغ 50 مليون أوقية جديدة كقرض وأنها صرحت له أنه من محصول ما تجمعه من راتب زوجها، وحين سئل عن المبالغ التي سدد للمدعو مولاي اعل مولاي أحمد من حساب شركة أمان لوجيستيك مقابل مصاريف في عمليات بناء إما لبدر أو للرئيس أجاب بأن تلك المبالغ مصدرها هو بدر وأحيانا الرئيس، وعند سؤاله هل تم تكليفه من بدر أو من الرئيس باستلام مبالغ من طرف رجال الأعمال أجاب بأنه يكلف أحيانا من بدر ومن الرئيس بالاتصال ببهاي غده لاستلام أمور عينية، أحيانا مواد بناء وأحيانا مواد غذائية مساعدة لهيئة الرحمة، كما ورد ذكر الرئيس حين تحدث المشري عن علاقته بالمدعو النعمان معتبرا أن هذه العلاقة تتمحور حول تسليمه له مبالغ مالية مقابل مباني يشيدها في نواكشوط ونواذيبو بأمر من الرئيس وادعى أن آخر مبلغ سلمه للنعمان هو 3 ملايين أوقية قديمة مقابل إنشائه عنابر كبيرة قرب الهندسة العسكرية، مدعيا أن الرئيس أبلغه بعدم رضائه عن طريقة إنشائها.

 

 

 

لم يحضر المشري صالح أمام التحقيق ولا أمام المحكمة.

 

التعليق:

 

لم ينسب المشري صالح للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

3) النعمان محمد الأمين النعمان

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد النعمان أنه نفذ له أعمالا تتمثل في بناء سكن للعمال في بنشاب وحدائق للحيوانات ومخزن لعلف الحيوانات وإنشاءات في مجال شبكة المياه الخاصة لزراعة الري بالتقطير، معترفا أنه كان يسدد له نقدا وبصورة متفاوتة حسب تقدم الأعمال.

 

ولد النعمان لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد النعمان للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

4) مولاي أحمد محمد الحافظ مولاي اعل

 

ورد ذكر الرئيس حين أجاب ولد مولاي اعل أنه لا يعرف أي شيء عن ممتلكات الرئيس.

 

ولد مولاي اعل لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب مولاي أحمد للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

5) شيخنا سيدي امبارك امصبوع

 

ورد ذكر الرئيس حين سئل ولد امصبوع عن علاقته بأسرة الرئيس فأجاب بأنهم أبناء عموممته وأصهار أخيه.

 

ولد امصبوع لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد امصبوع للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

6) الناتي سيدي امبارك امصبوع

 

ورد ذكر الرئيس حين سئل ولد امصبوع عن علاقته بأسرة الرئيس فأجاب:

 

هي أسرة من محيطي العائلي وأصهار أخي.

 

ولد امصبوع لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد امصبوع للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

7) الحسن المصطفى حمتي

 

ورد ذكر الرئيس حين سئل ولد احمتي عن علاقته به وأفراد أسرته فأجاب:

 

لا علاقة لي بهم ولم يسبق أن تعاملت معهم.

 

ولد حمتي لم يمثل أمام التحقيق ولا أمام المحكمة

 

التعليق:

 

لم ينسب ولد النعمان للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

 

 

8) محمد الأمين أحمد بوبات

 

ورد ذكر الرئيس حين ادعى ولد بوبات أن الرئيس هو من أمر بهاي غده ببناء المصحة الموجودة في الملعب الأولومبي وعند سؤاله عن لمن تعود ملكية القطعة الأرضية التي تشيد عليها المصحة أجاب بأنها ملك له شخصيا، غير أن الرئيس أبلغه بأنه سيشتري من عنده الأرض في وقت لاحق، وحين سئل عن تفاصيل عملية شراء قطع مدرسة الشرطة ادعى أنه اشتراها وبدأ في بنائها من أموال شركة I P R وفي فترة لاحقة –يقول- بدأنا في توزيع المبالغ المتحصل عليها من أرباح هذه الشركة بين الشركاء الثلاث، وناقشت الأمر مع الرئيس الذي أبلغني أنه سيرسل لي أخاه سيد أحمد لتولي تلك الإجراءات، وعند سؤاله عن تفاصيل مصنه تقشير الأرز في روصو أجاب بأنه ملك للمرحوم أحمدو وبعد وفاته يقول ولد بوبات اتصل علي الرئيس وقابلته وأمرني بتسيير المصنع بالإضافة إلى البنايات الموجودة في مدرسة الشرطة والتي تنازلت عنها لصالح المرحوم أحمدو، وقد نفى ولد بوبات أي علاقة مالية له مع الرئيس.

 

صرح محمد الأمين ولد بوبات أن أغلب القطع الأرضية التي تم اقتطاعها من مدرسة الشرطة أو الملعب الاولمبي وبيعها بالمزاد لم يقم الرئيس بشرائها شخصيا وإنما آلت إليه أو لأحد أفراد أسرته مثال ذلك يقول (بيعت للمرحوم أحمدو عبد العزيز).

 

التعليق:

 

يتضح من خلال تصريح ولد بوبات أن الرئيس السابق لم يقم شخصيا بشراء تلك القطع الأرضية وإنما تم شراؤها من قبل أحد أفراد عائلته والذي هو المرحوم أحمدو الذي هو الآن غائب ومنقضية الدعوى العمومية في حقه طبقا للمادة 6 من قانون الإجراءات الجنائية.

 

 

 

9) إبراهيم أحمد سالم غده

 

صرح ابراهيم أحمد سالم أنه بحكم وجوده في إدارة حملة رئاسيات 2009، كان الرئيس يستودعه مبالغ من طرف رجال الأعمال، وأحيانا من طرف أحمد سالم نفسه، وأن الرئيس كان يرسل له مع المرحوم أحمدو أو بدر أو رجل يدعي مولاي اعل، وأن هذه المبالغ وصلت أكثر من 700 مليون أوقية جديدة، وأنه يوجد بيده منها الآن أكثر من 495 مليون أوقية جديدة.

 

التعليق: لم ينسب ولد غده للرئيس السابق ما يخالف القانون

 

وليعلم من استمات في هذه القاعة في الدفاع عن عدم جواز تملك تمويلات الحملات الانتخابية أن المادة 5 من القانون رقم 035\2006 الصادر بتاريخ 02\02\2006 المتعلق بتمويل الحملات الانتخابية لا تحظر إلا الأموال التي تساعد بها الدولة، إذ نصت هذه المادة على أنه:

 

تعتبر الأموال التي تساعد بها الدولة ممتلكات عمومية ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون مصدر ثراء شخصي.

 

 

 

الخلاصة: حول محاضر البحث الابتدائي والاستجواب

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

بالرجوع إلى محاضر الضبطية القضائية ومحاضر استجواب التحقيق والتصريحات أمام المحكمة يتبين بما لا يدع مجالا للشك ومن خلال طبيعة الأسئلة أن القضية برمتها مجرد محاولة لتجريم أفعال وتصرفات غير مجرمة أصلا وإلصاق تهمة ارتكاب هذه الأفعال بشخص لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون له علاقة بها، وذلك لسبب بسيط وهو أن جميع المرافق العمومية في الدولة لها نظمها العامة والخاصة التي تدار بها والتي تحدد مجالات تدخلها وحين تحترم تصرفات القائمين على إدارة وتسيير تلك المرافق نظمها تصبح قراراتها قانونا ساريا في مواجهة الجميع ، فمثلا عندما يرخص مجلس إدارة سنيم للإداري المدير العام لها في إنشاء خيرية أو تعديل نظامها لتشمل تدخلاتها كافة التراب الوطني فلا تستطيع أي جهة أخرى منع ذلك، وهذا ما ينطبق على شركة صوملك كما غيرها من المؤسسات المستقلة إداريا وماليا، فلو تحلى المستجوبون بقدر من الشجاعة لدافعوا عن تصرفاتهم من باب تحمل المسؤولية وتفاخروا بها واعتبروها إنجازات يستحق كل من ساهم فيها تشجيعا وتكريما، ولأن الدول تدار حسب المصلحة بعيدا عن العاطفة فقد يتصرف القائمون عليها ويتخذون قرارات حسب السلطة التقديرية الممنوحة لهم بناء على ظروف زمكانية قد تكون موضوعية ومقنعة في فترة اتخاذها وحين تتغير تلك الظروف قد لا يتفهم البعض ولا يستوعب بحسن نية أو بسوئها الدوافع والأسباب التي أدت إلى اتخاذ تلك القرارات.

 

 

 

الخاتمة

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة

 

حين يتمعن الفاحص المنصف الوقائع محل المتابعة سيجد أنها جميعا صادرة من الجهات المختصة في إصدارها والتي منحها القانون حق اتخاذها فلا مشاحة في أن قرارات مجلس الوزراء نافذة في مواجهة الجميع كما أن القضاء العادي ليست لديه إمكانية مساءلة مجلس الوزراء.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

كلما يتعلق بصفقة الجهد العالي فقد صادقت عليه الجمعية الوطنية وأصبح قانونا لا يمكن لأي كان المساءلة بشأنه، اللهم إلا إذا كانت هناك جهات لا بد لها من الانتقام ممن أفقدها فرصة لربح قرابة 40 مليون دولار أمريكي كانت ستربحها لو بقيت الصفقة على مبلغها الأول 147 دولارا أمريكيا بدل 108 ملايين دولار أمريكي القيمة الحقيقية للصفقة.

 

كلما يتعلق بالمدارس وصفقة المطار والشركة الموريتانية للتنمية والتعاون (شركة تركيب الطائرات) ومدرسة الشرطة والإنارة بالطاقة الشمسية ودمج شركة A T T M ومؤسسة أنير ... إلخ كلما يتعلق بهذه القضايا تم تحصينه من قبل مجلس الوزراء.

 

كلما يتعلق بشركة سنيم وخيريتها واكتتاب 600 عامل بما في ذلك محمد امصبوع فقد تم تحصينه لأنه مر عبر أجهزة الشركة ووفق مساطرها.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

بودي أن أتناول باقتضاب وكنموذج على هذه التهم موضوع التهمة المتعلقة بتبديد ممتلكات الدولة العقارية المتمثلة في بيع المدارس لتتأكد المحكمة الموقرة من هشاشة هذه التهمة كما غيرها من التهم، فجميع ما بيع من مدارس (4) وبلوكات والشريط الذي بجانب الملعب ومدرسة الشرطة جميع هذا هو 3 هكتارات ونصف حصلت الدولة مقابل بيعها بالمزاد العلني على أكثر من 10 مليارات أوقية قديمة وقبل سنة 2009 منحت الدولة في سنتين 30 ألف هكتار بالمجان.

 

هذه المبالغ المتحصل عليها من البيع بالمزاد العلني أنشئ منها برنامج يسمى pac شيدت فيه 75 مؤسسة تعليمية منها 45 مدرسة ابتدائية مكتملة من النمط الجديد ومنها 17 إعدادية و9 ثانويات امتياز وثانويتان نموذجيتان ومنها مدرستان لتكوين المعلمين.

 

فهل هذه النتيجة تدل على تبديد ممتلكات الدولة العقارية؟ أم إن منح الأراضي بدون مقابل هو الذي يحافظ على هذه الممتلكات؟

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

يتبين من خلال سرد الوقائع وتحليل النصوص أنه لا توجد في هذه القضية المعروضة أمام محكمتكم الموقرة أفعال مجرمة، وإن كانت هناك أفعال عبارة عن قرارات سيادية متخذة باسم ولمصلحة الدولة الموريتانية يتحمل مسؤوليتها السياسية موقعوها والمعترفون بها دون غيرهم، أما أن يزج بشخص ليس له توقيع ولا اعتراف ويترك الموقع والمعترف فتلك ستكون سابقة سيترتب عليها ما بعدها وسيتمترس خلفها المفسدون مستقبلا متكئين على قرارات قضائية تعفي الفاعل الرئيسي وتعاقب رئيس الجمهورية المحمي من إمكانية المساءلة أمام القضاء العادي بموجب المادة 93 من الدستور التي تقول: "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى.

 

لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية".

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لقد مر علينا في مرافعة النيابة يوم 24 – 10 – 2023 أن رئيس الجمهورية تمكن مساءلته عن أفعاله المرتكبة أثناء ممارسة سلطاته ولكن بعد أن يخرج من السلطة واعتبرت المرافعة أن أفعال الرئيس المرتكبة قبل وصوله للسلطة يتوقف حساب التقادم بشأنها إلى حين خروجه من السلطة وهذا ما لم يرد إطلاقا في أي نص من النصوص الوطنية لا دستورا ولا نصا إجرائيا ولا موضوعيا.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

ربما حصل غبش لدى النيابة العامة في هذه المسألة بين ما حصل في التعديلين الدستوريين اللذين طالا الدستور الفرنسي 2002 و2007 واللذين بموجبهما تم إلغاء المادة: 68 من الدستور الفرنسي 1958 وتم تحديد المسطرة التي تتم على أساسها متابعة رئيس الجمهورية عن أفعاله المرتكبة قبل ممارسته للسلطة، أما الدستور الموريتاني فلم يتطرق إلى هذه الإجراءات لأنه بموجب المادة: 93 منه فلا تمكن متابعة ولا مساءلة رئيس الجمهورية عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى التي في حال ارتكابه لها فإن المتابعة تكون للجمعية الوطنية والمحاكمة من اختصاص محكمة العدل السامية.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لقد شهد معالي الوزير السابق سيدي سالم أمام محكمتكم يوم 24 – 10 – 2023 في حق الرئيس السابق بقوله: "ما علمت عليه إلا خيرا، فم صدق، فم جد، فم وطنية من أجل المصلحة العامة.

 

في قطاعي لم ألحظ أي شيء على الرئيس وكان يحترم القانون ويحث على تطبيقه.

 

جاءت الضغوط فيما يتعلق بالشهادات المزورة والسيد الرئيس كان صارما في أنه يجب تطبيق القانون.

 

حذرني من تسجيل ابن أخيه الذي لم يحصل على معدل كلية الطب.

 

العشرية الأخيرة استفادت فيها البلاد من إنجازات وارية للعيان وتمت محاربة الفساد بشكل لا غبار عليه".

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

من يتصف بهذه المواصفات لا يمكن اتهامه بالتهم المعروضة أمام محكمتكم.

 

 

 

السيد الرئيس،

 

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

 

لقد كانت شهادة معالي وزير العدل السابق الدكتور حيموده رمظان حاسمة ولم تترك مجالا للتأويل حين أكد أن قطاع العدل يوم كان وزيرا له وفخامة رئيس الجمهورية الحالي رئيس المجلس الأعلى للقضاء توصلوا إلى قناعة راسخة مفادها أن الشخصية القانونية لرئيس الجمهورية شخصية واحدة وأن رئيس الجمهورية لا تمكن مساءلته طبقا لما ورد في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية وأن حصانة رئيس الجمهورية مطلقة لا يرد عليها من الاستثناء إلا ما ورد في المادة: 93 من الدستور وأن الاختصاص في تلك الحالة منعقد لمحكمة العدل السامية.

 

 

 

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

إن الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد عبد العزيز يلتمس منكم:

أولا: عدم قبول متابعته بناء على عدم اختصاص القضاء العادي في محاكمة رئيس الجمهورية عملا بترتيبات الفقرة الثانية من المادة: 93 من الدستور.

وإن رأت المحكمة غير ذلك

ثانيا: الحكم ببراءته طبقا للفقرة الأولى من المادة: 93 من الدستور

وسيكون ذلك عدلا

وتقبلوا فائق التقدير والاحترام

والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل

ذ\ جعفر أبيه

عضو هيئة الدفاع عن السيد محمد عبد العزيز الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية الموريتانية