وعادت ورشات الصيد الروتينية

أربعاء, 08/12/2021 - 13:28

منذ اربعين سنة ونحن على نفس الوتيرة من المشاورات والنقاشات النظرية التي لا يمكن تطبيقها علي ارض الواقع. فالي متي سيظل هذا القطاع يكرر نفس الورشات بصورة روتينية ويصر على عدم تغيير نهجه وافكاره القديمة ويستكفي بمراجعة الاستراتيجيات السابقة حتى ولو كانت كارثية على ثروات البلد السمكية. 
انطلاقا من الارادة الصادقة والقوية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في اصلاح جميع مجالات الحياة في البلاد وخاصة الاقتصادية منها.
ونظرا للوضعية المأساوية التي يعيشها قطاع الصيد والاقتصاد البحري علي جميع مستوياته نتيجة تراكمات السياسات السابقة فإنني اقترح عليكم تنظيم منتديات وطنية عامة تحت الرعاية والمتابعة السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بدل الورشات الروتينية معروفة النتيجة مسبقا وذالك لإعادة تأسيس شاملة للمنظومة القانونية والتسييرية لكافة الانشطة الاقتصادية والسياحية البحرية على غرار البلدان التي شهدت نهضة اقتصادية بحرية اخرجتها نهائيا من سجن الدول النامية الي مصاف الدولة المتقدمة والصناعية والمكتفية بثرواتها البحرية.  
المنتديات الوطنية
لتنمية وتطوير كافة الانشطة الاقتصادية والسياحية المزاولة في الوسط البحري او شبه البحري.
تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني 

رؤية الاستراتيجية البحرية الشمولية 
ومحاورها للفترة 2022/2024 
ترتكز رؤية الاستراتيجية البحرية الشمولية على ركائز التنمية المستدامة الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتنفذ هذه الاستراتيجية بشكل شامل ومتكامل ولديها العديد من الاطر المرجعية مثل قوانين البحرية التجارية والصيد البحري والمحافظة على البيئة البحرية السليمة. 
 وتتمحور النقاشات في هذه المنتديات الوطنية العامة حول المواضيع السبع التالية 
1. الموضوع الاول ويتعلق بتعزيز القدرات القانونية والبشرية والفنية واللوجستية لسلطة الدولة البحرية، وتفعيل هيكلتها التنظيمية بشكل عملياتي لتمكينها من القيام بأدوار الدولة المختلفة والوفاء بالتزاماتها الدولية من نظم ومعايير موحدة ومفروضة على السفن والموانئ والشواطئ، ولكي تستطيع اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للقيام بمسؤولياتها وأداء عملها المدني وتنفيذ مهامها بشكل أكثر تماسكًا وأكثر تنسيقا في هذا الوسط الموحش.

2. الموضوع الثاني ويتعلق بمراجعة النصوص القانونية لمدونة الصيد البحري ومدونة البحرية التجارية والنصوص القانونية المنظمة للبيئة البحرية من اجل تنسيق وتوحيد المنظومة الوطنية للقوانين البحرية على المستوي الوطني وملائمتها مع القوانين البحرية الدولية وكذالك تفعيل كافة النصوص التطبيقية من مراسيم ومقررات وفقا لأهداف هذه الرؤية الشمولية.

3. الموضوع الثالث ويتعلق بإعادة تنظيم قسم الصيد التقليدي، وإعادة تعريف الصياد التقليدي، وتسجيل الزوارق حسب مرابط مناطق الصيد الشمالية والوسطية والجنوبية، وإعادة تعريف وتنظيم وتكوين كافة العمالة المتدخلين في جميع مراحل سلسلة القيمة من لحظة اصطياد السمك الي طبق المستهلك.

4. الموضوع الرابع ويتعلق بتوسيع الطاقة الاستيعابية للمنتجات السمكية (المصانع)، وتطوير معدات التبريد والمعالجة والتثمين، وكذلك مراجعة سياسة التسويق الوطنية وتوجيهها نحو التثمين والتصنيع الغذائي المحلي للمنتجات السمكية الوطنية سبيلا الي خلق قيمة اضافية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي من مادة السمك.

5. الموضوع الخامس ويتعلق بتحديث وتطوير البنية التحتية المينائية للتفريغ والعمل على بناء اسطول وطني مهني ومتخصص والرفع من مستوي كفاءة اليد العاملة البحرية الوطنية سبيلا الي خلق المزيد من فرص الاستثمار والعمل وزيادة الريع الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن استغلال مختلف الثروات البحرية. وكذالك تعزيز امن وسلامة الارواح البشرية وتنظيم الملاحة البحرية. 

6. الموضوع السادس ويتعلق بترشيد استغلال الثروات السمكية، وخاصة المخزون الاستراتيجي وتعزيز وتحديث قدرات البحث العلمي من اجل تقييم ومتابعة المخزون السمكي المسموح باصطياده بشكل منتظم واعادة تخطيط وتحيين مناطق المصائد وتقوية اليات التفتيش الصحي ورفع مستوي اليقظة وروح الوطنية لدي المهنيين العاملين في البحر ومشاركتهم في رقابة صارمة هدفها تعزيز ترشيد استغلال الثروات البحرية.

7. الموضوع السابع ويتعلق بتنمية وتطوير ودمج انشطة الاقتصاد الازرق كالنقل البحري والنهري والصيد القاري والخدمات البحرية في الاقتصاد الوطني. واعادة تنظيم وتقنين وتطوير الخدمات المقدمة للسفن كالإرشاد والقطر والتموين والمسافنة والتوكيل والشحن والمساعدة الفنية .... الخ. وكذالك ترخيص المنظمات المهنية والخبراء والفنيين المتخصصين في مختلف مشارب الشؤون البحرية.

الموضوع الاول
يهدف هذا الموضوع الي الرفع من جاهزية سلطة الدولة البحرية الي اعلي مستوي لتمكينها من لعب مختلف أدوار الدولة في البحر والوفاء بالتزاماتها الدولية كدولة علم ودولة ميناء ودولة شاطئ في مجال الاستغلال والمحافظة على الثروات البحرية وحماية البيئة البحرية وامن وسلامة منشئاتها المينائية ولكي تستطيع هذه السلطة القيام بمسؤولياتها وأداء عملها وتنفيذ مهامها بشكل أكثر تنسيقا وأكثر فعالية.
هذه المسؤوليات تتطلب حتما تعزيز القدرات البشرية والفنية واللوجستية لمختلف إدارات ومؤسسات السلطة لكي تستطيع التغلب على العوائق والعقبات التي يطرحها تسيير شواطئها ومجالها البحري ومياهها الإقليمية ومنطقتها الخالصة وموانئها وسفنها وكل الأنشطة الاقتصادية او السياحية المزاولة في البحر او بالقرب من البحر.
لهذا ينبغي لموريتانيا ان تحذوا حذو معظم الدول المطلة علي البحر في رؤية شمولية تسعي الي تجميع كافة الجهود الفردية البشرية والفنية والمادية المبعثرة بين العديد من هذه المؤسسات والادارات واعادة تركيزها وخاصة منها تلك ذات المهام المتقاربة او المتشابهة في وكالات او مكاتب تملك القدرات البشرية والفنية والمادية اللازمة لرفع التحديات الرئيسية والعوائق التي تقف امام تأدية مهام السلطة المتشعبة بتنسيق أكثر فعالية واقل تكلفة لخزينة الدولة وأكثر مردودية على الاقتصاد الوطني.
الموضوع الثاني 
يهدف هذا الموضوع الي مراجعة وتصحيح ثغرات النصوص القانونية لمدونات كل من الصيد البحري والبحرية التجارية والمحافظة على البيئة البحرية ومكافحة التلوث البحري واضافة تقنين بعض الانشطة والخدمات البحرية واعادة تعريف النظام الوطني وحق الولوج اليه وشروط اقتناء دولة العلم الوطنية للسفن الاجنبية بشكل يتماشى مع اهداف وبرامج هذه الرؤية ووفقا للضوابط والقوانين البحرية المتعارف عليها دوليا.
كما سيتم تفعيل وتحيين كافة النصوص التطبيقية من المراسيم والقرارات المنظمة والمسيرة لجميع الأنشطة والخدمات الاقتصادية او السياحية في الوسط البحري او شبه البحري وتوحيد تنظيمها وتسييرها على المستوي الوطني وفقا للنظم والمعايير والمساطير الوطنية والدولية.
كما سيتم في هذا الموضوع تقنين استعادة المداخيل المالية المفقودة لخزينة الدولة والمتأتية من الاتاوات والضرائب الناتجة عن اصدار التراخيص وشهادات الكفاءات المهنية للسفن والشركات المهنية المقدمة لخدمات بحرية فنية خصوصية. حيث لم تعد الإدارات البحرية المركزية في عالم اليوم قادرة على مواكبة وتطبيق النظم والمعايير التي تتطور يوما بعد يوم بصفة مجانية.

الموضوع الثالث
يعيش قسم الصيد التقليدي فوضي مزمنة وهشاشة في الامن والسلامة تتطلب اعادة تعريف بحارة الصيد التقليدي واعادة تنظيم مرابط القوارب حسب المناطق الشمالية والوسطية والجنوبية واعادة تقنين المصائد المستهدفة والاليات المستخدمة للاستغلال والملاك والعمالة المتدخلة في جميع مراحل سلسلة منتوج الصيد التقليدي من لحظة اصطياده الي طبق المستهلك. 
كما تسعي هذه الرؤية الي اجاد اليات للتمويل للعاملين الوطنيين تهدف الي زيادة التكوين والتأهيل المهني والرفع من مستوي امن وسلامة الياتهم الانتاجية والعمل على انجاز أكبر عدد من نقاط التفريغ المستصلحة والمتكاملة البنية التحتية لتثبيت هؤلاء البحارة على الشواطئ الوطنية.     
الموضوع الرابع 
يهدف هذا الموضوع الي ترقية وتوسيع البنية التحتية الاستيعابية لمنتوجات الصيد البحري والقاري من خلال إنجاز مصانع للتبريد والحفظ والمعالجة والتثمين بسعة كبيرة تضمن حماية المنتجين الصغار من المضاربات التجارية وتشجعهم علي زيادة الانتاج خاصة من الاسماك السطحية.

في هذا الإطار سيتم تشجيع الفاعلين والمهنيين الوطنيين المهتمين باستغلال الاسماك السطحية الصالحة للاستهلاك البشري علي كسب المهارات والخبرات الضرورية للرفع من كميات الانتاج. كما سيتم في مرحلة اولي تخفيض الرسوم والاتاوات والضرائب على هؤلاء الخصوصيين الوطنيين لتمكينهم من المنافسة التجارية مع الشركات الاجنبية التي تتمتع باتفاقيات خاصة. 

سبيلا الي دعم وتوجيه المنتجين الوطنيين الي استغلال هذه الاسماك المتوفرة بكميات كبيرة وخلق المزيد من فرص العمل وتعزيز توفر مخزون استراتيجي للبلد كاحتياط متجدد في مخازن الدولة يساعد في تعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي.

ومن ناحية اخري وفي مجال تثمين المنتوج السمكي سيتم كذالك تشجيع ودعم الشراكة العمومية الخصوصية والخصوصية الخصوصية بين الشركات العالمية المهنية المتخصصة في صناعة المواد الغذائية السمكية الجاهزة للاستهلاك البشري وتعليبها محليا.

كما سيعاد النظر ايضا في السياسة التجارية لتسويق المنتوجات السمكية الوطنية وفرض سيادة الدولة عليها تمشيا مع اهداف رؤية فخامة رئيس الجمهورية الرامية الي الرفع من مستوي الدخل القومي وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للبلد من مادة السمك ونقص نسبة بطالة الشباب الموريتاني العاطل عن العمل.

الموضوع الخامس

 في مجال البنية التحتية المينائية ستعمل هذه السياسة على توسيع ميناء خليج الراحة وزيادة عدد المرابط فيه واعادة تنظيمه وتامين حركة الملاحة البحرية داخله وخارجه. سيتم كذالك العمل على تكملة التجهيزات الضرورية لعمل ميناء تانيت وزيادة مرابطه وتامين الملاحة حوله لزيادة حركية السفن. اما في ميناء انجاكو فسيتم تحويل عدد من مرابط سفن الصيد للتخفيف على المنطقة الشمالية. 

كما سيتم الشروع في بناء ميناء القطب 28 كلم وبناء العديد من نقاط التفريغ المستصلحة والمجهزة حسب نظم ومعايير الامن والسلامة البحريين على طول الشواطئ الوطنية سبيلا الي توفير البنية التحتية اللازمة للتفريغ الامن والصحي لمنتوجات الصيد التقليدي والشاطئي وضمانا لمتابعة ادارية منتظمة لاستغلال الحصص المسوح بها.

كما سيتم تشجيع الشراكة بين الشركة الوطنية لصناعة السفن والشركات العالمية المتخصصة في بناء الاحواض الجافة وصناعة سفن الصيد البحري وخاصة منها الموجهة للصيد السطحي والخدمات البحرية سبيلا الي دفع الفاعلين الوطنيين الي اقتناء اسطول وطني شاطئي وصناعي بسعر وتكلفة استغلال منخفضة ولكي تسمح كذالك لمختلف مهني الصيد التقليدي استبدال سفنهم الهشة باخري أكثر امانا وأكثر مردودية. 

كما سيتم انشاء مرصد خاص بمتابعة حالة الطقس البحري وسلامة حركية الملاحة البحرية وتسهيل تدخل دوريات البحث والإنقاذ والارشاد في أي نقطة من المياه تحت السيادة الوطنية.

اما في مجال امن وسلامة الارواح البشرية والمحافظة علي سلامة البيئة البحرية الطبيعية فستعمل هذه السياسة على انشاء مركز وطني للأمن والسلامة البحريين مجهز بأحدث التجهيزات للبحث والانقاذ ومكافحة الهجرة السرية والتدخل السريع لمكافحة أي تلوث بحري.

الموضوع السادس 
يهدف هذا الموضوع إلى ترشيد استغلال الثروة السمكية، وخاصة المخازن الاستراتيجية منها والرفع من مستوي الحفاظ على اوساط التنوع البيولوجي لبيئتها الطبيعية، وتحديث وتطوير وتعزيز قدرات البحث العلمي والتقييم المنتظم للمخزون واعادة تحيين تخطيط المناطق على اساس توفر وتنوع المصائد والرفع من اليات الرقابة الصحية والتفتيش ومتابعة مسار المنتجات البحرية.

ولضمان رقابة صارمة ومتابعة ادارية منتظمة سيتم انشاء لجان تشاركية بين السلطات العمومية المكلفة بالرقابة والرصد وقباطنة الصيد الوطنيين العاملين في شتي اقسام القطاع والرفع من حدود العقوبات على المخالفين في الاستغلال المفرط للثروة السمكية والصيد الغير مرخص والمحرم والمتسببين في تلوث البيئة البحرية سبيلا الي الرفع من مستوي اليقظة لدي كافة المهنيين الوطنيين في المحافظة على الاستغلال الامثل للثروة السمكية وعلي سلامة بيئتها الطبيعية.

الموضوع السابع 

يهدف هذا الموضوع الي دمج انشطة الاقتصاد البحري في المنظومة الوطنية للاقتصاد الازرق وذالك لضمان تطويرها بشكل متكامل واستفادة البلد أكثر من ريعها الاقتصادي والاجتماعي.
 سيتم ذالك من خلال اقتراح اتخاذ العديد من الاجراءات العملية منها على سبيل المثال.
تحيين العمل باتفاقية الامم المتحدة للتجارة والتنمية الصادرة بتاريخ 16 ابريل 1974 والتي يرجع لها الفضل في وضع قاعدة 40 40 20 المتعلقة بالتوزيع العادل للنقل البحري في البلدان النامية وبالتالي تفعيل المجلس الوطني للشاحنين سبيلا الي امتلاك اسطول وطني للنقل والخدمات البحرية يخفف من وطأة البطالة ويعزز تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلد.

حيث تحتل هذه الانشطة مركز الصدارة من حيث فرص الاستثمار في بلادنا ولان أكثر من %90 من المبادلات التجارية العالمية والاقليمية يتم عن طريق سفن النقل البحري وتعتبر الخدمات المصاحبة له من توصيل وتموين وجر وارشاد ومساعدة فنية الخ.... مصدرا للغني ورافدا اساسيا للعمالة.

هذا وقد ادت عمليات التجديد والتوسيعات المستحدثة مؤخرا على مجمل ارصفة موانئ البلد الي زيادة معتبرة ومتواصلة في حركية السفن وبالتالي زيادة حجم التبادل التجاري والذي قارب حوالي 35 مليون طن سنويا منقولة من وعلى متن أكثر من 1200 سفينة تجارية اجنبية ترسوا كل سنة في الموانئ التجارية والمعدنية والبترولية في كل من نواكشوط ونواذيبو.

صاحب هذا التطور ارتفاعا غير مسبوق علي طلب الخدمات والمهن البحرية المتخصصة والمصاحبة لعمليات النقل واستكشاف او استخراج الغاز او البترول من عرض البحر كالتوصيل البحري للمعدات والمسافنة والتموين والجر والارشاد والشحن والصيانة والمساعدة الفنية في البحر والتوكيل البحري وغير ذالك.

وبالتالي أصبح من الضروري اعادة تنظيم وتقنين هذه الحرف والمهن والخدمات البحرية الفنية المتخصصة المصاحبة للنقل البحري والنهري والصيد البحري والقاري وتكثيف وتوسيع دائرة برامج التكوين المهني والحرفي في مختلف التخصصات العاملة في الوسط البحري او شبه البحري. سبيلا الي خلق فرص جديدة للتشغيل والرفع من كفاءة اليد العاملة الوطنية وزيادة الدخل القومي والريع الاقتصادي والاجتماعي والمالي الناتج عن استغلال هذه الثروات وفقا للأسس والضوابط البحرية لحكامة رشيدة وشفافة ومحافظة مستديمة على استغلال الثروات البحرية التي حبي الله بها بلدنا.
والله ولي التوفيق.

المهندس والخبير البحري
سيدي محمد ولد محمد الشيخ