اليوم الذي تتوقف فيه سباقات التبذير… سيكون بداية الإصلاح الحقيقي

جمعة, 24/10/2025 - 10:40

اليوم الذي تتوقف فيه سباقات التبذير المصاحبة لزيارات رئيس الجمهورية إلى المناطق الداخلية، سيكون يومًا تبدأ فيه موريتانيا بالتحسن فعليًا.

ففي كل مرة يقرر فيها الرئيس زيارة منطقة من البلاد، يبدأ ماراثون محموم نحو وجهته، ويتسابق المسؤولون ورجال الأعمال والوزراء في استعراض العضلات وإظهار الأنياب، في مشهد من الرياء والمباهاة لا يليق بدولة تسعى إلى ترسيخ قيم النزاهة والتقشف.

هذه العادات السيئة، في رأيي المتواضع، ينبغي أن تتوقف فورًا، وأن تتخذ السلطات إجراءات حازمة لوضع حدٍّ لها، وذلك لعدة أسباب جوهرية:

لأنها تعزز النزعة الجهوية والقبلية وتغذي الانقسام داخل الوطن الواحد.

لأنها تتسبب في تبديد المال العام في مظاهر شكلية لا طائل من ورائها، بينما تعاني المجتمعات المحلية التي يزورها الرئيس من مشكلات معيشية حقيقية.

لأنها تحرم السكان الأصليين من فرصة لقاء الرئيس والتعبير عن همومهم، وهو الهدف الأسمى من الزيارات الميدانية.

لقد آن الأوان فعلاً لوضع حدٍّ لهذه الكرنفالات العقيمة والمكلفة، وإرساء تقاليد جديدة قوامها الجدية والاعتدال وخدمة المصلحة العامة.

ومن المهم كذلك أن يمنح حزب الإنصاف الثقة لهياكله القاعدية في الداخل، وأن يترك تنظيم الاستقبالات للفيدراليات والأقسام والفروع، فهي الأقدر على معرفة خصوصيات مناطقها وتعبئة السكان بصدق، بدلاً من الاعتماد على الوفود القادمة من نواكشوط، التي غالبًا ما تضم نفس الوجوه في كل مناسبة.

إن التغيير الحقيقي لا يبدأ من الشعارات، بل من كسر العادات التي تكرّس التبذير والرياء، واستبدالها بثقافة العمل والإنصات والاحترام المتبادل بين الدولة والمواطنين.

بقلم: السياسي محمد ولد بك