تناولت الصحف العربية بنسختيها الورقية والإلكترونية موضوع اختفاء الإعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي في تركيا، وهو المعروف بانتقاداته للأوضاع في السعودية.
وكانت خطيبة خاشقجي أكدت أنه توجه للقنصلية السعودية في اسطنبول ظهر الثلاثاء 2 أكتوبر/ تشرين الأول لاستكمال بعض الأوراق الرسمية ولكنه لم يخرج حتى الآن.
وأهمل الكثير من الصحف في السعودية وبعض الدول الخليجية خبر الاختفاء، إذ لم يتناول أي من معلقي هذه الصحف تلك القضية في مقالات الرأي فيها، واكتفى بعض الصحف بنشر البيان الصادر عن القنصلية السعودية في اسطنبول، الذي أكدت فيه أنها "تقوم بإجراءات المتابعة والتنسيق مع السلطات المحلية التركية الشقيقة لكشف ملابسات اختفاء المواطن جمال خاشقجي بعد خروجه من مبنى القنصلية".
وقالت رأي اليوم الإلكترونية اللندنية إنه في حال وجود خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول "لن يكون مُفاجِئًا إذا ما أقدَمت قُوّات أمن تركيّة على اقتحام القُنصليّة، أو السَّماحِ بمُتظاهِرين للقِيام بهَذهِ المُهِمَّة على الطَّريقةِ الإيرانيّة".
وتضيف الصحيفة "أمّا إذا كان السيد خاشقجي قد غادَر إسطنبول مُختَطَفًا، وربّما مُخدَّرًا، على غِرار ما حدث مع عِدّة أُمَراء شقّوا عصَا الطاعة على حُكومَتهم... فإنّه سيُواجِه عُقوبَة السَّجن، وربّما الإعدام، والتُّهُم جاهِزة وقد يكون على رأسِها الإرهاب".
تقول إن "احتجاز جمال خاشقجي رِسالَةٌ سُعوديّةٌ مُزدَوجَةٌ لإهانَة تركيا وإرهاب المُعارِضين في الخارِج"، واصفة الاحتجاز بأنه "يُشَكِّل انتِهاكًا لحُقوق الإنسان، وسيُلحِق ضَررًا كبيرًا بالمملكة العربيّة السعوديّة وصُورَتها في العالم".
وتقول القدس العربي اللندنية إن الاختفاء يمثل "تطوراً مذهلاً على أداء السلطات السعودية في التعامل مع الاختلاف في الرأي، الذي كان دائما، في حالة خاشقجي، أقرب للنصيحة لحكام المملكة، فالاختفاء جرى جهاراً نهاراً وعلى عيون الأشهاد".
وتشير القدس إلى أن "قصة خاشقجي تدفع المرء للتساؤل عن سبب هذا الابتعاد الفظيع عن العقل في سياسات السلطات السعودية، وهذا الطيش غير المحدود المتمثل في استهداف مثقفين معتدلين وإصلاحيين من قبل حكم يزعم الاعتدال والإصلاح، وبدلا من استقطاب السلطات لهم وتوظيف خبراتهم تقوم بمطاردتهم والبطش بهم".
وفي الجريدة ذاتها، يقول إسماعيل جمال أن "سيناريو نقل خاشقجي خارج تركيا يبدو مستبعداً جداً، وأقرب إلى الخيال، فلا يتخيل أحد إمكانية لجوء الجهات الرسمية إلى عملية في دولة بحجم تركيا، وبطريقة من المؤكد أنها سوف تدخلها في أزمة دبلوماسية حادة مع تركيا".
ويضيف جمال "وفي حال أن خاشقجي ما زال فعلاً داخل مبنى القنصلية ـ وهو المرجح بقوة حتى الآن ـ فإن ذلك يشير إلى احتمال أن الجهات السعودية التي خططت للعملية قد فشلت على الأغلب في نقله إلى خارج مبنى السفارة ومن ثم إلى خارج البلاد لأسباب غير معلومة".
'سلوكيات قديمة للأنظمة الاستبدادية'
وتحت عنوان "هل ارتكب خاشقجي غلطة عمره في إسطنبول؟"، يشير عبدالله العمادي في الشرق القطرية إلى أن خاشقجي "لم يكن حذراً بما فيه الكفاية"، مضيفاً أن "السعودية ستخرج خاسرة من هذا المشهد، بعد أن تواترت الأنباء حتى كتابة هذا المقال، أن خاشقجي بالفعل دخل القنصلية ولم يخرج منها، ما يفيد أنه تم احتجازه بقصد الترحيل أو التهديد أو لأي سبب كان، وهو أمر محرج للغاية لتركيا إن تجاهلت الأمر".
ويضيف الكاتب "لكن لماذا السعودية خاسرة في المشهد؟ لأنها إن أفرجت عن خاشقجي، بعد أن عرف العالم كله بنبأ احتجازه بالقنصلية، فكأنما اعترفت بمسألة الاحتجاز... وفي حال أنها لم تفرج عنه، فالأمر سيزداد سوءاً وقتامة، وستدخل السعودية في أزمة عميقة لا قرار لها مع تركيا".
وفي الصحيفة ذاتها، تتحدث ابتسام آل سعد عن "تاريخ الرياض مع الاختطافات القسرية التي تبدأ بالاستدراج والخديعة وتضليل الضحية وتنتهي بسجون السعودية الانفرادية المظلمة".
وفي الشروق الجزائرية، يقول قادة بن عمار إن اختفاء خاشقجي "هي محاولة بائسة لإعادة إنتاج سلوكيات قديمة اعتقدنا فعلا أن الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي قد نسيتها أو أسقطتها من ممارستها ضد المعارضين".
ويؤكد بن عمار أن "التخلص من جمال خاشقجي وإعدام الشيخ سلمان العودة وملاحقة الدعاة والمفكرين والكتاب المعتدلين، لن يفيد أحدا بل سيضّر كثيرا بسمعة العهد الجديد الذي يقول محمد بن سلمان إنه يريد التأسيس له بالمملكة، فالتخلص من هذه النماذج المعتدلة في المعارضة لن يمهّد الطريق سوى لظهور معارضة أخرى، أشد راديكالية وصداما وعداء!"