الكفاح من أجل القانون: معمر محمد سالم

جمعة, 24/03/2017 - 08:43

هذا العنوان استعرته من كتاب الفقيه الألماني " إهرنج"، الذي كتبه مساهمة في الخلاف الفقهي بصدد علاقة بين الدعوى بالحق الموضوعي الذي تحميه، يدافع الفقيه الألماني عن ضرورة إعمال القواعد القانونية جبرا، حتى لا يتحول القانون إلى حبر على ورق!

لكن ما لم يصل إليه صاحب الكتاب وصل إليه فقهاء المخزن (الدستوريين)، فبالغوا فيه إلى أن بلغ ما يمكن  أن نطلق عليه تجوزا " إعمال القاعدة القانونية بالتخصيص" الذي يؤدي إلى لي عنق المادة: 38 من الدستور الموريتاني الواردة في إطار صلاحيات رئيس الجمهورية في الأمور السياسية، لتتحول ـ بقدرة قادر ـ إلى طريق لتعديل الدستور المنصوص عليه تحت الباب الحادي عشر على سبيل الحصر، لا القياس.

مفهوم التخصيص انفرد به  فقهاء القانون المدني، حيث تتحول بمقتضاه منقولات إلى عقارات بالتخصيص واستعاره القضاء الفرنسي في المجال التجاري،  فغدت الأعمال المدنية  أعمالا تجارية بالتعبية للأعمال التجارية، تأسيسا على قاعدة " تبعية التابع للمتبوع في حكمه".لكن أن تتحول القواعد المنظمة لصلاحيات رئيس الجمهورية إلى آلية لتعديل الدستور جبرا، فهذا منطق فقهي مخزني تحكمي، غائي، جديد.يؤكد أن النظام وأنصاره باتوا كالغريق الذي يخشى على ثوبه البلل!! فيتمسك بأي قشة متخذا منها حبل نجاة!! ما أعظم الرئيس وأكثر جسارته، حين ينصاع لخيار التوافق و الرضا الشعبي و النخبوي، فمناط تحقق  دولة القانون هو انصياع  السلطة التنفيذية لمقتضيات القانون و مبدأ المشروعية، أما الإصرار على الارتطام بجدار الرفض و الممانعة، فستكون عواقبه وخيمة على البلد و تجربته الديمقراطية.

وكأن الرئيس قرر الوصول للاستفتاء الشعبي وبإمكانه ذلك، وفقا لمقتضى المادة: 38 من الدستور، لكن في قضية سياسية، لا دستورية! ثم إن ثقة الرئيس في موافقة الشعب على التعديلات بعد رفضها من قبل أغلبية مجلس الشيوخ، تشعرنا بمرارة استسهاله للشعب الموريتاني و تذكر بمأزق الفلاسفة حول العلم بالكليات و جهل الجزئيات! فيعدون " عقل الإنسان للأشياء لا يتم إلا بنوع كلي، فإذا عقل ذاته فقد عقل الأشياء كلها. وإذا ألقى بصره على الأشياء يكون قد أحاط بجميع الأشياء التي دونه"!!