وقفة تأمل مع صيرورة التواصل في المجتمع الموريتاني

اثنين, 27/02/2017 - 10:15

يعرف المتخصصون التواصل بانه عملية يتم من خلالها إرسال رسالة معينة بمضمون معين و محتوى محدد من مرسل الى مستلم عبر قناة محددة و بالتالى يمكن تقسيمه الى ثلاثة أقسام :

تواصل نازل و تقصد به المعلومات و الأخبار التي تصل من اعلى في شكل قرارات و إجراءات و تعليمات و توجيهات و ارشادات و ما الى ذلك؛

تواصل صاعد و يعنى بالاقتراحات و الاستفسارات و الاحالات و طلبات التدخل و المساعدة و ...؛

بينما يُعنى التواصل الأفقي بالتبادل بين مختلف النظراء كالأساتذة فيما بينهم و المستشارين و اصحاب التخصص و الاهتمام الواحد.

 

لكن هذا التقسيم على علاته لا يمكن ان ينطبق بشكل حرفي على المجتمع ككتلة بقدرما ينطبق على المؤسسة و المنشأة و اَي كيان إداري منظم. نتيجة للبنية المؤسسية التي تتمتع بها و شيوع الانضباط كليا أو جزئيا داخلها.

 

و مهما يكن من امر، فان قابلية تكييف التواصل داخل المؤسسة أو المنظمة مع التواصل في المجتمع تظل ممكنة خصوصا اذا ما نظرنا الى

التواصل النازل باعتباره تواصلا يحمل في طياته توجيهات مؤسسة القيادة (قبيلة، دولة، تجمع...) فيحمل المعلومات و التعليمات اللازمة الاتباع بخصوص الانتجاع و طلبه و قوافل التجارة و الاسواق الموسمية و انعقادها و الحرب و السلم و المقاطعة و المهادنة و المحالفة... كذلك السلطة الدينية التي تنقل التوجيهات الربانية الى العامة إفتاء و إرشادا و نصحا و توجيها...

التواصل الصاعد و يتمثل أساسا في الاستشكالات الفقهية مثلا و الشكاوى و الإستعلامات و الاقتراحات و اخبار الكلإ و الانتجاع و الامم و المجتمعات الاخرى ...

فيما يقتصر التواصل الأفقي على تبادل اخبار المراعي و تنقلات الأفراد و سفرهم (الغيبة) الى الخارج كالسينغال و غينيا و مالي و المغرب، و جديد الأدب (المساجلات الشعبية و الفصيحة) و غيرها من الأخبار المتعلقة بالأنشطة و المنافسات  الثقافية و غيرها

 

من هنا تتضح الأهمية  التي تكتسيها عملية التواصل داخل اَي مجتمع و خصوصا مجتمع البيظان المولع حد الهوس بتبادل المعلومات و يتجلى ذلك في شيوع اُسلوب الإخبار "اشطاري".

 

هذا و يستخدم التواصل وسائل متعددة منها اللغة بشكليها المشفر و المشفر، ففي مجتمع البيظان تفضل بعض التشكلات استخدام التواصل المشفر فيما تفضل اخرى تبسيطه، و يعود ذلك الى البعد الثقافي للتشكيلة و طبيعة المجتمع موضوع الدراسة،

 

و سوف نحاول التركيز في هذه الكراسة على التواصل الأفقي معددين ابرز وسائله و التطورات التي مرت بها (صيرورته) عبر الزمن مركزين على نماذج من التواصل المشفر و غير المشفر، فيما نخصص باقي المعالجة لوسائل التواصل المستخدمة و التي انقرض بعضها عبر الزمن و حلت محله وسائل ابسط و اسهل استخداما، و نخلص في محور ثالث إلى نماذج أدبية راقية لمراسلات شنقيطية تتفاوت بين السهل الممتنع و المعقد عالي التشفير.

 

      أولا: نماذج من التواصل المشفر و وسائل التشفير

يقول بعض المحللين لتداعيات حرب شرببة ان مضايقة من نوع معين قد مورست من طرف المنتصر في تلك الحرب على بعض خصومه من الزوايا، و لهذا كان لزاما على هؤلاء أن يتواصلوا مستخدمين لغة تخاطب خاصة أو مشفرة بحيث لا يدركها أو يفهمها الخصم أو بعبارة اخرى لغة ثنائية الدلالة أو القراءة فيقرأها المتفرج السطحي قراءة عادية بينما يقرأ المعني بها.

محمد لمين سالم